دخل على القاضي مقيداً بالسلاسل فاستنطقه القاضي ماذا بك؟ قال: إن أبي علمني السحر حيث أبقاني في غرفة مظلمة أربعين ليلة ويوماً لا أخرج منها إلا لقضاء الحاجة، وأقول كلاماً شركياً كفرياً إلحادياً أترنم به استغاثة بالشياطين والعياذ بالله حتى إذا كملت الأربعين جاء إلي الجن وزعموا أنهم يخدمونني ويحققون لي مآربي وأن علي أن أقوم للناس وأن أسحرهم وأقوم بخدمات السحر من كل حدب وصوب جعلت أفعل ذلك مغطياً ما أقوم به من أسحار من عمل سحري بالترنيمات، وأتظاهر بأني أقرأ بعض الآيات القرآنية والأدعية النبوية وأنا أغمس السم في العسل، وما كنت أعلم أن هذا محرماً لأنني في بلد غير عربي وغير إسلامي قد عشت على الضلالة أظن أن ذلك مما يدخل علي المال الوفير وأن تلك الحياة هي التي قدر أن أعيشها هكذا بين عالم الجن وضلالتهم وغواياتهم وتسلطهم وجبروتهم يعبثون بي كما يشاؤون وابتعدت عن الله تعالى، وما كنت أعرف من الإسلام إلا أسمه، ولا من القرآن إلا أسمه، فلما جئت إلى هنا واعترفت عند القاضي بما حصل ثم سجنت تولاني في سجون المملكة قوم صالحون أبانوا لي الهدى ودلائله، ودعوني إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيَّنوا لي حقيقة السحر، وأن تعلمه كفر، وأن فعله كفر، وظلم للناس جميعاً فتبت إلى الله وأنبت إليه وقضى علي القضاة المكرمون بعد أن أنكرت كل الوقائع زوراً وبهتاناً التي كنت فعلتها وسرت فيها وأدعيت أني أعالج الناس، وأن هذه ليست من الأسحار في شيء قام القضاة وأصدروا حكماً تعزيرياً بالسجن والجلد. ما زلت أعتبره أكبر نعمة لي بعد أن منَّ الله علي وأنا في سجون المملكة العربية السعودية التي هي بيوت هدى وبيوت اصلاح وبيوت دعوة، بيوت أمر بمعروف ونهي عن المنكر فتعلمت التوحيد، وتعلمت الصلاة، وعرفت الإسلام حق المعرفة، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك حيث رق علي بعض المحسنين، وأنا في السجن فاستيقظت من غفوتي وقمت من كبوتي وتبت إلى الله، وأنبت إليه فيا أيها الناس الذين تذهبون إلى السحرة لو كان في السحرة خير لنفعوا أنفسهم، ولو كان عندهم قدرة لحازوا ما يريدون في الدنيا ولو كانوا قادرين على أن يحولوا الفقير غنياً والغني فقيراً لفعلوا الأفاعيل من أجل أن يستحوذوا على بنوك الدنيا ولكنها القذارة الفكرية والقذارة الجسدية والقذارة الشيطانية إذ كانوا يأمروننا أن نغتسل بالبول وأن نفرك رؤوسنا وأجسامنا بالعذرة، وكانوا يأمروننا أن نرتدي المصحف على هيئة أحذية بأرجلنا ثم نطأ به في دورات المياه على القاذورات ونبول عليه ليحصل لهم ما يريدون من معصية الله وإضلالنا وإغوائنا وانغماسنا في الشرك والشقاق، وأيضاً يحصل لهم ما يريدون من إفسادنا. وكانوا يأمروننا أن نترك الصلاة ولو صلاة العصر ويزعمون أننا في خلوة ويأمروننا أن نصلي على غير وضوء ويفسدون عبادتنا من كل وجه بالشرك وبالأعمال التي تبطل العمل وبنواقض الإسلام الثمانين إن شئت فقل أو الثمانية على مذهب الشيخ محمد عبدالوهاب رحمه الله ولذلك فإني أنصح السحرة في كل مكان أن يتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه.. هذا لسان حال صاحب جاء تائباً منيباً مستغفراً بعد مرور فترة من الحكم الشرعي عليه، نسأل الله أن يتوب علينا وعلى جميع المسلمين.