حقق منظار الجهاز الهضمي طفرة هائلة في تشخيص وعلاج العديد من أمراض المريء والبلعوم والمعدة دون اللجوء إلى الجراحات الصعبة والتي كانت تستلزم فترات طويلة لاكتمال الشفاء ، وساهم استخدام المنظار في اكتشاف العديد من الأمراض الخطرة في مرحلة مبكرة قبل تفاقمها أو ظهور أعراضها ، إلا أن طبيعة المنظار وكيفية استخدامه وفوائده ما زالت غائبة عن الكثيرين الذين يشعرون بالخوف من استخدامه ، وفي السطور التالية تعرفنا د.رنا مسوح استشارية الجهاز الهضمي والمناظير بمستشفى الحمادي بالرياض وعضو الجمعية الفرنسية للمناظير بفوائد التنظير ودوره في تشخيص وعلاج أصعب الأمراض التي تصيب جميع أجزاء الجهاز الهضمي ، فتقول : إن النتائج التي حققها تنظير الجهاز الهضمي تجعله بلا شك الصديق الأول للطبيب والمريض على حد سواء. * يتساءل الكثيرون عن ماهية المنظار وتركيبه؟ - المنظار عبارة عن أنبوب رفيع من الألياف البلورية المرنة تسمح بنقل الصورة بوضوح كامل من نهاية المنظار إلى الشاشة أمام الطبيب، وهذه النهاية مضاءة ويمكن أن تتحرك بكافة الاتجاهات بحيث يمكن رؤية المناطق المدروسة بكل تفاصيلها وزواياها . * ما هي شروط إجرائه وكيف يتم؟ - بالنسبة الى المنظار العلوي يجب أن يكون المريض صائماً لمدة ثماني ساعات ويستلقي المريض على جانبه الأيسر، حيث يتم إدخال المنظار اللين الرفيع من الفم إلى المريء والمعدة والاثني عشر دون أن يسبب ألما أو صعوبة في التنفس، وانما فقط شعور بالغثيان.. وبالأيدي الخبيرة يمكن ألا يشعر المريض بأي شيء خاصة باستخدام مهدئ خفيف عن طريق الوريد، وبالنسبة إلى تنظير القولون يحضر المريض قبل بدء الفحص بأدوية خاصة تُحدثْ لديه إسهالاً مما يسمح برؤية كافة أقسامه بعد إدخال المنظار عبر الشرج والمريض بوضعية استلقاء على جانبه الأيسر وهنا أيضاً قبل التنظير يعطى المريض مهدئاً ومسكناً وحسب رغبته يمكن أن ينام نوماً كاملاً أثناء التنظير أو يبقى مستيقظاً يراقب تلفاز التنظير بدون ألم . * ما هي فوائد التنظير في مجال التشخيص؟ - يمكن بواسطة المنظار كشف سبب الألم وتحديد وجود التهاب أو تقرُّح أو قرحة ووصف توضعها وحجمها وعمقها مما يسمح بمعالجة مناسبة وفعَّالة بإذن الله . كما يمكن من خلال المنظار أخذ العينات لفحصها بالمخبر أو بالمجهر وتحديد نوع الالتهاب، وهل هنالك إصابة جرثومية أو طفيلية أو أنها نوع من الالتهابات المناعية التي تحتاج لمعالجة خاصة. * وماذا بشأن النزف وهل يمكن اكتشافه بالتنظير؟ - بالفعل ، المنظار يساعد الطبيب لتحديد سبب النزف سواء كان هذا النزف من الأعلى بشكل إقياءات دموية من المريء أو المعدة أو الاثني عشر (مثل دوالي المريء والقرحات والتهاب المعدة النزفي والتشوهات الوعائية ) أو اذا كان النزف من الأسفل بشكل دم مع البراز والذي قد يكون ( بواسير - بوليب - تقرحات - التهاب - رتوج ). وبفضل التطور الكبير في تقنية المناظير أصبح بالإمكان ليس فقط الكشف عن سبب النزف وإنما معالجته دون اللجوء الى الجراحة إلا نادراً ، وذلك عبر المنظار فقط، ويتم بحقن مواد خاصة في مكان النزف أو ربط الدوالي أو التخثير الحراري . * هل يفيد المنظار في علاج أمراض أخرى بديلاً عن الجراحة ؟ - نعم، هنالك استئصال البوليبات عبر المنظار ولقد كان في الماضي الحل الوحيد لمعالجة بوليبات الجهاز الهضمي .(وهي عبارة عن أورام سليمة بشكل تآليل )هو الفتح الجراحي البطني ولكن الآن بفضل تقدم التقنيات والخبرات أمكن استئصالها بالمنظار لمجرد كشفها وقبل أن تتحول الى سرطان قولون. كما يفيد المنظار في استخراج الأجسام المبتلعة خطأً عند الأطفال وإجراء توسيع للتضييقات الموجودة في الأنبوب الهضمي وعلى عدة جلسات مما يسمح مثلاً للطفل المصاب بتضييق مريء ( تالي لتناول مواد كاوية ) والذي لم يكن يستطيع تناول الطعام أو حتى الشراب إلى العودة إلى ذلك بشكل طبيعي تقريباً بعد التوسيع ويستعيد ما فقد من الوزن. عن طريق المنظار العلوي الجانبي الرؤية يمكن تصوير المجرى الصفراوي والبنكرياسي واكتشاف سبب انسداد الطرف الصفراوي، ومعالجة السبب، إما بسحب الحصاة السادة للقناة الجامعة أو بوضع أنبوب خاص لتصريف الصفراء بعد إجراء (خزع لمعصرة أودي ). * وماذا عن الأورام وهل يمكن علاجها بالتنظير؟ - إن التنظير وخاصة تنظير القولون يسمح بالكشف المبكر لسرطانات القولون وبالتالي معالجتها الفعَّالة في المرحلة الباكرة ، حيث تصل نسبة الشفاء إلى 90 % كما أن التنظير يساعد على كشف بعض الأمراض التي تتحول الى سرطان ومعالجتها قبل تحولها ، وفي المراحل المتأخرة يمكن وضع STENT أواستعمال الليزر عن طريق المنظار.