الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فما هو مقرر في ديننا الحنيف، ومعلوم لدينا الإيمان بالقضاء والقدر، والصبر على ما كتب الله وقدر علينا من أمور الدنيا ومنغصاتها وأحزانها ومآسيها ومن أعظم منغصات الدنيا فراق الأحبة من والد وولد أو قريب أو صديق، ومن أجل هذا جاء الدين الإسلامي مؤكداً ان العبد لابد ان يبتلى بالمصائب، وأنه يجب عليه أن يصبر ويحتسب ذلك عند الله عز وجل، ولاشك أن كل مايصيب الإنسان من هذه الأمور مقدر على العبد منذ أن كان في بطن أمه، فإن أصاب العبد سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابه غير ذلك صبر فكان خيراً له، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن، ومن أجل ذلك كان الصبر للمؤمن من أجلِّ الطاعات وأفضل القربات، فكلما كان العبد صابراً كان أقرب إلى الخير ولما يرضي الرب، ويعظم الصبر ويعظم أجره إذا كانت المصيبة أكبر وأعظم. وقال سبحانه وتعالى {إنَّمّا يٍوّفَّى الصَّابٌرٍونّ أّجًرّهٍم بٌغّيًرٌ حٌسّابُ}. وقال سبحانه وتعالى {وّاللَّهٍ يٍحٌبٍَ الصَّابٌرٌينّ} وأما في السنة النبوية فقد تكاثرت النصوص التي تبين ما أعد الله للصابرين من رفعة في الدرجات على صبرهم وتجاوزه عن خطاياهم وذنوبهم، فمن ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن صهيب رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر). هذا ما نقوله لكل من تأثر وحزن لفقد صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز آل سعود، المعروف بخصال الخير والبر ومكارم الأخلاق، الذي وافاه الأجل المحتوم في مساء يوم السبت الموافق 10/2/1424ه بعد مرض عانى منه أكثر من سنة نسأل الله سبحانه أن يجعل ما أصابه رفعة لدرجاته وتكفيراً لذنوبه وأن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته. وأوجه عزائي لصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم، وأقول أحسن الله عزاءكم وجبر مصيبتكم وغفر لميتكم ورزقكم الصبر والسلوان، كما أوجه عزائي لبنات الفقيد وزوجته نسأل الله سبحانه أن يجبر مصيبتهم وأن يرزقهم الصبر والاحتساب وألا يحرمهم أجره وألا يفتنهم بعده. ولعل خير ما أختم به عزائي هذا أن أذكر بالحديث الشريف حينما فقد النبي صلى الله عليه وسلم ابنه ابراهيم فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: (إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا مايرضي ربنا، وإنا على فراقك يا ابراهيم لمحزنون) ولعل خير ما يخفف عن كل من ابتلي بالمصيبة أن يكثر من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يخلفه خيراً من مصيبته فقد جاءت الوصية النبوية بذلك، حيث روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنه قال: (من قال إذا وقعت عليه مصيبة اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلفه خيراً منها) تقول أم سلمة فقلتها لما مات أبو سلمة وكنت أظن أنني لن أجد خيراً من أبي سلمة، فوفقها الله بأن تزوجها بعده رسول الله صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يغفر لميتنا وأن يعافيه ويعفو عنه، وأن يجعل الجنة منزله، وألا يحرمنا أجره ولايفتنا بعده، وأن يثبته عند السؤال، وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة. آمين.