ليس هناك جديد في السياسة الأمريكية، منذ سيطر اليمين المسيحي المتطرف على مقاليد السياسة الخارجية ومفاتيح القوة العسكرية، وبعد تحقيق ما خططوا له في العراق، أصبح رامسفيلد «نجم» المتشددين الأقوى صوتاً وعلا صوته على سكرتير الدولة «وزير الخارجية كولن باول» الذي عليه من الآن فصاعداً أن يتناغم مع توجهات تشيني ورامسفيلد وكوندوليسا، وولفوبيتش فهذا الرباعي المتشدد هو الآن الذي يمسك بزمام الأمور في أمريكا وأصواتهم هي الأكثر استماعاً إليها والأقرب إلى آذان الرئيس بوش. لهؤلاء الأربعة مخطط موضوع سلفاً مرتكزه الأساسي هو إلغاء أية قوة حتى وإن كانت نظرية تهدد إسرائيل، أو مجرد أن تزعج إسرائيل والآن هم في طريقهم إلى التخلص من قوة العراق، وحسب جدولتهم فإن سوريا هي المحطة الثانية وهكذا بدت الأمور في واشنطن، فولفوبيتش يشهد في الكونغرس أمام لجنة القوات المسلحة ويقدم دلائل على «انتهاكات سوريا» وبعده تصرح كوندوليسا رايس بأقوال تعزز أقوال ولفوبيتش، وبعدهما يأتي دور رامسفيلد، وحتى لا يفوته القطار وتناغماً مع «الجوقة» يسهم وزير الخارجية كولن باول بنصيبه في توجيه سهام التهديد والعداء لسوريا فيتهمها بالسماح للمتطوعين العرب بالتوجه للعراق عبر أراضيها وتوفير المأوى لأعضاء الحكومة العراقية الفارين. وكالعادة وحسب التراتبية يأتي دور الرئيس نفسه، الذي وجه التهمة الأشد باعتقاده أن سوريا تمتلك أسلحة كيميائية، بل وحذرها بوجوب التعاون مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. كل هذا التمهيد إلى ماذا يهدف؟ هل يهدف لاستهداف سوريا، وتصفية الحساب الأمريكي معها بعد أن اطمأن الأمريكيون من قرب انتهاء مهمتهم في العراق، أم أن الهدف الأمريكي يهدف إلى «تحييد» سوريا والحد من السعي السوري الذي يعتقد الأمريكيون أنه سعي من القيادة في دمشق إلى وراثة قيادة البعثيين بعد غياب صدام حسين؟ أما الهدف الثالث الذي يتحدث عنه السوريون حول مغزى الحملة الأمريكية المكثفة، حيث تعتقد الدوائر السياسية والإعلامية في سوريا، بأن رفع وتيرة التحذيرات الأمريكيةلسوريا التي وصلت إلى حد التهديد فهو لإشغال الرأي العام العالمي والعربي بوجه خاص وتوجيه الأنظار عما يجري في العراق، لأن واشنطن تريد إبعاد الأنظار عما تقوم به في العراق من إعادة ترتيب يكفل إقامة «تحالف أمريكي» يمتد من تركيا مروراً بالعراق والأردن ثم إسرائيل، وهذا الحليف الذي سيطوق سوريا كفيل بإخضاعها دون قتال.