في الوقت الذي يسعى فيه العرب جاهدين لاستيعاب السقوط المفاجئ لبغداد تروج نظريات المؤامرة بشأن اسباب اختفاء صدام حسين وغياب المقاومة الجادة للقوات التي دخلت بغداد. ولا يصدق كثيرون تلاشي قوات الدفاع عن بغداد امام الغزاة الامريكيين ويسعون بشغف وراء تفسيرات مثل حدوث خيانة من جانب قادة سياسيين او عسكريين للبلاد او اتفاق سري لتهريب صدام حسين الى خارج العراق. وكان نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني من بين اول من اطلقوا مثل هذه الشائعات بشأن وجود اتفاق سري لتهريب صدام خارج العراق مقابل وضع نهاية لإراقة الدماء.ومع اجتياح الدبابات الامريكيةبغداد يوم الاربعاء من دون مقاومة تقريبا قال بري: ان صدام يحتمل ان يكون قد لجأ الى السفارة الروسية في بغداد الامرالذي نفته موسكو على الفور. ونقلت الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية عن بري قوله في معرض التساؤل عما اذا كان صدام في السفارة الروسية انه لابد للمرء ن يعلم قبل اي شيء لماذا عاد السفير الروسي الى بغداد وماذا فعلت كوندوليزا رايس مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي في موسكو؟ ووضع احد مساعدي بري النقاط على الحروف قائلا: ان بري كان يشير الى احتمال ان يكون صدام قد حصل على ملاذ آمن في صفقة امريكية روسية مقابل انهاء مقاومة الحرس الجمهوري العراقي. وهذه ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة التي تنتشر فيها مثل هذه النظرية فيما تجتهد وسائل الاعلام العربية والمواطنون في البحث عن تفسير لما يعتبر شيئا مهينا الى حد كبير. وتحدث معلقون في قناة العربية التلفزيونية الفضائية عن «صفقة» بعد رؤيتهم جنودا من قوات مشاة البحرية الامريكية وعراقيين يسقطون تمثالا عملاقا لصدام بعد ساعات من اختفاء القيادة العراقية بأكملها. ومع تداول مثل هذه النظريات في وسائل اعلام مشهورة فليس مما يثير الدهشة اقتناع الكثيرين فيما يسمى «بالشارع العربي» بوجود مؤامرة خفية وراء سقوط بغداد. ويردد الكثيرون القول «ليس معقولا ان تقاوم مدينة صغيرة مثل ام قصر لمدة اسبوعين ثم تسقط العاصمة التي بها الجيش والفدائيين في ساعات معدودة». وقاوم عراقيون مسلحون في اجزاء من ام قصر التي تقع بأقصى جنوبالعراق القوات البريطانية عدة ايام. وقال ساهر امام الخبير الاعلامي في عمان «صدام سلمهم العراق مقابل انقاذ حياته».واضاف: كنا نأمل ان يكون عنده مثقال ذرة من وطنية في اللحظة الاخيرة.. لم نكن نعتقد انهم سيدخلون بغداد بهذه السهولة ونعتقد انه سلمهم بغداد بيديه. ويعتقد كثير من العرب فيما يبدو في نظرية الخيانة اكثر من اعتقادهم في التفوق الهائل للقوات الامريكية التي قصفت مراكز القيادة العراقية ووحدات الحرس الجمهوري بالقنابل وقذائف المدفعية على مدة نحو ثلاثة اسابيع قبل ان تستولي على بغداد. ودمر كثير من العتاد الحربي العراقي بعيدا عن الكاميرات التلفزيونية ولم تنقل شبكات التلفزيون العربية الكثير من صور الحطام مما غذى التكهنات في اذهان الكثير من العرب بخصوص ابرام صفقة. وقال موظف اردني غاضب يدعى سالم خالد «اللعبة انتهت.. انها خيانة». وقال موظف حكومي اردني يدعى محمد عطية «اما ان يكون صدام عميلا واما ان يكون الامر كله تمثيلية». واضاف: لماذا لم يقاوم.. ولماذا سمح للامريكيين بعبور الجسور.. لماذا لم يحفر خنادق.. كان لديه صواريخ فلماذا لم يستخدمها.. هذا الرجل خدع الامة العربية برمتها. وقال جلال عبود وهو صاحب متجر في عمان «العرب والمسلمون لا يصدقون ما حدث والايام القادمة ستكشف هذه الاسرار.. لا أصدق ان صدام قتل كما يعتقد البعض، انه مختبئ في مكان لا يعرفه الا الامريكيون.