اجتمع وزير الخارجية الامريكي كولن باول أمس الأربعاء مع نظيره التركي عبد الله جول في إطار سعيه لثني أنقرة عن الدفع بقوات كبيرة إلى المنطقة الشمالية من العراق التي يسيطر عليها الأكراد. وتخشى الولاياتالمتحدة من ان يضر أي تدخل عسكري كبير من جانب تركيا بالحرب التي تشنها لاسقاط الرئيس العراقي صدام حسين ويفجر صراعاً مع أكراد العراق ويشعل «حرباً داخل حرب». وقال باول للصحفيين: «الموقف في شمال العراق مستقر تماما ولذلك فاننا لا نرى ان هناك ما يدعو لمثل هذا التدخل» مشيراً إلى نقطة التوتر الرئيسية بين بلاده وتركيا عضوي حلف شمال الأطلسي. واجتماع باول مع جول في أنقرة أمس هو فاتحة لعدة لقاءات بين وزير الخارجية الامريكي وصانعي القرار في تركيا ومن بينهم الجنرال حلمي اوزكوك قائد الجيش. واعتقلت الشرطة التركية مجموعة من المحتجين اليساريين تظاهروا ضد الحرب أمام وزارة الخارجية التركية قبل وصول باول للاجتماع مع جول. وتسود تركيا مشاعر عارمة مناهضة للحرب التي تقودها الولاياتالمتحدة ضد العراق. ومع طرح اتفاق مساعدات امريكية لتركيا على الطاولة أعرب باول عن «شعور قائم بخيبة الأمل» منذ ان رفض البرلمان التركي السماح بنشر نحو 62 ألف جندي امريكي في الأراضي التركية لفتح جبهة شمالية في العراق. واحتفظت تركيا حتى الآن بحقها في تعزيز وجودها العسكري في شمال العراق إذا أحست بخطر إقامة دولة كردية مستقلة في شمال العراق تخشى ان تؤجج بالمثل الروح الانفصالية الكردية في أراضيها النوبية الشرقية. ومن جانبهم توعد أكراد العراق بالتصدي لأي «غزو» تركي من جانب واحد. وتوجد قوات تركية صغيرة في شمال العراق منذ التسعينات تقاتل ضد حزب العمال الكردستاني التركي الذي لجأ رجاله إلى الجبال هناك. ونشرت الولاياتالمتحدة أعداداً محدودة من قواتها في شمال العراق للعمل إلى جوار المقاتلين الأكراد في حربها ضد بغداد، كما تقصف المواقع العراقية في الشمال قصفاً جوياً عنيفاً. وصرح باول بأنه يتطلع إلى «روح تعاون» من جانب تركيا والتعهد بعدم شن هجوم على شمال العراق وهو تحرك تخشى واشنطن من ان يقوض جهودها في الحرب. وقال باول للصحفيين انه يزور تركيا البلد المسلم المجاور للعراق لتعزيز اتفاق غير رسمي بشأن شمال العراق والتعاون المتعثر مع انقرة بخصوص ضمانات قروض لاقتصاد تركيا الهش. وقال باول للصحفيين الذين رافقوه على متن طائرته: «اننا نتطلع إلى روح تعاون واستجابة سريعة للطلبات ... انها مطالب تتعلق بمجرد استمرار العملية في شمال العراق ولن يكون من الصعب على الأتراك الاستجابة لها». وتأمل تركيا في ان تساعد هذه الزيارة في تبديد الشكوك التي تخيم على العلاقات بين الحليفين التقليديين والتي زادت نتيجة لرفض البرلمان التركي السماح للقوات الامريكية بفتح جبهة شمالية ضد العراق من الأراضي التركية. وتوقعت الحكومة التركية وبعض وسائل الإعلام مصالحة بعد أسابيع من التوتر رغم انه بدا من المؤكد ان يكرر باول الاعتراضات الامريكية على أي محاولة من جانب تركيا إرسال قوات إضافية إلى شمال العراق. وقال مسؤولون انه من المقرر ان يجتمع باول مع رئيس الوزراء طيب اردوغان وقائد الجيش التركي قبل ان يسافر إلى بلجراد اليوم الأربعاء. وناقش الكونجرس الامريكي مشروع قانون لتقديم مساعدات قيمتها 75 مليار دولار منها مليار دولار منحة لتركيا أو استبدالها بضمانات قروض قيمتها 5 ،8 مليار دولار. وقد احتشدت أعداد من المواطنين أمام وزارة الخارجية التركية قبل ربع ساعة من وصول باول مرددين شعارات التنديد بالسياسة الأمريكية ورفض العدوان الأمريكي على العراق.. وطالب المتظاهرون الأتراك بانهاء الوجود العسكري الأمريكي في تركيا وضرورة توقف الحرب التي تقودها واشنطن ضد العراق وإنهاء عمليات قتل الأطفال والشيوخ والنساء والمدنيين العراقيين.. وقد رفض المتظاهرون مطالب الشرطة بفض المظاهرة مما أدى إلى اعتقال أعداد منهم. وقد أحاط بكولين باول أعداد كبيرة من رجال الأمن الأمريكيين لتأمين وزير الخارجية الأمريكي خوفاً من تعرضه لاعتداءات.