استبعد مصدر دبلوماسي غربي في دمشق اتساع دائرة الحرب الحالية إلى خارج الجغرافية العراقية. وقال المصدر في حديث مع «الجزيرة» ان تحذيرات رامسفيلد وباول إلى كل من سوريا وإيران هي محاولة لتوظيف المعارك العسكرية والضربات الجوية العنيفة على العراق ضمن إطار الضغط السياسي، فالإدارة الأمريكية تستخدم هامش الحرب لتسهيل مهمتها السياسية في الشرق الأوسط. وبيّن المصدر ان المستغرب محاولة الولاياتالمتحدة توسيع رقعة مواجهتها، لتدخل في تصعيد سياسي مع كافة دول المنطقة، وخصوصاً سوريا التي تشكل عتبة الخطر لأي تصعيد عسكري جديد. وأوضح المصدر ان تحذيرات باول كانت متوقعة وذلك استناداً إلى المكان الذي ألقى فيه كلمته، فأي تجمع له علاقة باللوبي اليهودي سيدفع المسؤولين الأمريكيين للحديث عن أمن إسرائيل، وتحذير سوريا من أي سياسة تعاكس توجهات الحكومة الإسرائيلية، لكن توقيت التحذيرات كما قال المصدر واضح جداً، فهو يحاول تهيئة سيناريو جديد لأي عملية سياسية قادمة، ومن جهة أخرى يريد التأثير على قرار سياسي مستقبلي بشأن العراق ما بعد الحرب، وربط المصدر بين هذه التحذيرات ورفع وتيرة التصعيد العسكري ما بين سورياوالولاياتالمتحدة، فدمشق هاجمت الحرب مباشرة عبر رئيسها وذلك قبل تحذيرات رامسفيلد، التي بدت وكأنها تهديد نتيجة موقف سياسي، بينما اعتبرت سوريا حسب نفس المصدر انها مستهدفة في هذه الحرب، التي تراها دمشق محاولة لرسم شرعية القوة بدلاً من شرعية الأممالمتحدة، وهذا سينعكس لاحقا على مسار التسوية التي انهارت تماماً خلال العامين الماضيين. وركَّز المصدر على ان دمشق تعرف تماماً الآلية العسكرية الأمريكية في الوقت الراهن، لذلك اعتبرت على لسان وزير إعلامها ان واشنطن عبر هذه التحذيرات تحاول التغطية على وضعها بعد أكثر من أسبوع على الحرب. وقال المصدر ان دمشق تواجه حاليا سياسة الولاياتالمتحدة إحداث تبدل استراتيجي، سينعكس بشكل مباشر على مستقبل عملية السلام، مبينا ان وضع حكومة عراقية تعترف بإسرائيل سيختصر الكثير من المسافات على واشنطن وتل ابيب. فاعتبار فاروق الشرع ان «لسوريا مصلحة وطنية وقومية بأن يندحر الغزاة الأمريكيون والبريطانيون من العراق»، يدخل في هذا الإطار لأن التوازن السياسي في المنطقة حسب نفس المصدر سيختل بشكل واضح، فالحرب على العراق بالنسبة لسوريا تعني: إعادة خرق التوافق العام في الشرق الأوسط، والذي أوجد توازنا سياسيا خلال العقد الماضي، نتيجة عدم التصادم على مستوى السياسات الاقليمية، خصوصاً انه بعد الانتفاضة الثانية برز بوضوح دور اقليمي فاعل وقادر على إبعاد إسرائيل من بعض المجالات وأهمها الاقليمي. صياغة المصالح الاقليمية وفق خط يأخذ بعين الاعتبار الأولويات الأمريكية والإسرائيلية، وسيؤثر هذا بشكل كبير على سعي سوريا لتنمية مواردها واقتصادها. وأوضح المصدر ان التصعيد السياسي ما بين واشنطنودمشق لن يخرج في المدى المنظور عن اطاره السياسي، ففتح جبهة عسكرية جديدة سواء عبر إسرائيل أو بشكل مباشر من الولاياتالمتحدة، ربما يجبر عدداً من الدول الكبرى لاتخاذ مواقف جديدة، لأن العمل العسكري الأمريكي يكون خرج عن إطاره كحرب لها جغرافية واضحة رغم تعدد اهدافها السياسية والاقتصادية. وقال إن زيادة الشرخ في المعادلة الدولية ربما يؤدي لحسابات جديدة حتى ولو كانت الولاياتالمتحدة هي أكبر قوة عسكرية، لأن باقي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ينظرون إلى العملية الحالية من زاوية محددة تتعلق بالجغرافية السياسية العراقية، وقدرة الولاياتالمتحدة على التأثير فيها بشكل يخدم مصالحها اقتصاديا وسياسيا، لكن عندما تتسع الضربات العسكرية باتجاه سوريا وإيران فإن الموضوع، حسب نفس المصدر سيتخذ منحى آخر يتعلق بالجيوستراتيجية، وبموازين القوى الدولية، من هنا فإن العمل العسكري ضد سوريا لا يملك أرضية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة، لكن مجريات الحرب في العراق ربما تحمل مفاجآت إضافية تؤدي لتغيير مخططات واشنطن على المستوى القريب والبعيد.