المخضرمون من الساسة ومتابعو الأحداث والقارئون الجيدون لتاريخ الحروب لابد ان يتذكروا إقدام الولاياتالمتحدةالأمريكية على توسيع الحرب في فيتنام عندما امتدت تلك الحرب إلى كمبوديا ولاوس. الآن تكاد تتكرر الصورة أو لنقل تمهيداً لتوسيع رقعة الحرب التي تشنها أمريكا وبريطانيا على العراق، فبعد ازدياد التهديدات الأمريكيةلسورياوإيران قفز النموذج الفيتنامي وتوسيع الحرب نحو كمبوديا إلى الذهن وانتزع من الذاكرة خاصة بعد ان تبع كولن باول زميله دونالد رامسفيلد في تهديد سوريا والتحذير من تأييد الحكومة العراقية. سوريا من جانبها ومن خلال بيان رسمي قالت انها اختارت ان تكون مع الاجماع الرسمي والشعبي الذي قال «لا للعدوان» على العراق، ولا لقصف المدن وقتل المدنيين الأبرياء. والموقف السوري سواء من خلال بيان وزارة الخارجية أو أقوال كبار مسؤوليه بدءاً من الرئيس بشار الأسد والوزراء الآخرين لا ينفي دعمهم لشعب العراق الذي يواجه غزواً غير مشروع، إلا ان هؤلاء المسؤولين لم يصلوا إلى القول بأنهم يدعمون النظام العراقي وإن كان يستحيل الآن الفصل بين الحكومة العراقية والشعب العراقي، فالمقاومة العراقية تقودها وتنظمها الحكومة واختلاف الأهداف بين المقاومين من العراقيين قد تم تجاوزه، وحتى المعارضة الشيعية لا يجرؤ قادتها على الطلب من أنصارهم وقف المقاومة مثلما يفعل الأكراد الذين يعملون مع الأمريكيين من دون تغطية. وهكذا فإن موقف سورياوإيران واضح في دعم المقاومة العراقية حتى وإن كانت نتائجها تصب في النهاية لصالح نظام صدام حسين حتى وإن كانت إيران «بالذات» لا ترغب في بقاء نظام صدام حسين، ولكن المصلحة الإيرانية والسورية معا تلتقي مع مصلحة النظام العراقي في افشال المخططات الأمريكية البريطانية ومنها اسقاط نظام صدام حسين لأن الدور القادم سيكون عليهم، وبالذات سوريا التي تعرقل خطط أمريكا في تنفيذ مخطط تسوية القضية الفلسطينية، كما ان تغيير النظام العراقي إلى نظام يسير في الركب الأمريكي سيفرض حصاراً سياسياً على سوريا التي ستطوق بأنظمة جميعها متعاونة مع أمريكا. وهكذا فإن المصلحة السورية العليا والمبادئ القومية والدينية في كل من سورياوإيران تفرض عليهما الموقف الذي تمارسانه، وإن ظهرت سوريا بصورة أوضح في دعمها المقاومة العراقية، إلا انه ومع ذلك لن يصل الأمر عندها إلى إرسال اسلحة أو قوات كما يحاول الأمريكيون تسويق ذلك.