ما من شك ولا ريب في أن الله تعالى قد خلق البشر، ورزق كلاً منهم مميزات وطاقات عديدة.. وتلك الطاقات والمواهب الكامنة قد تختلف من شخص لآخر من حيث سرعة أو تأخر ظهورها.. ولكن وفي غالب الأحيان فإن علامات النبوغ والتميز تبدو ظاهرة على الإنسان منذ طفولته وتدرجه في مراحل العمر المختلفة.. وبالتالي يأتي دور التوجيه والاستغلال الأمثل لتلك الطاقة الموجودة في الشخص وتبدأ تنميتها وإثراؤها بالبرامج والتوجيهات الجادة نحو الأفضل. وعندما نقرأ سيرة الكثير من العلماء في شتى المجالات، نرى في سيرته ونلمح ما يشير إلى بروزه منذ الصغر وأنه منذ مراحل عمره الأولى كان مختلفاً عن أقرانه؛ لهذا وصل إلى مستواه الذي هو عليه الآن.. من هنا أقول: إن ضرورة وجود مختصين ومختصات في مدارس البنين والبنات لاكتشاف الأطفال البارزين وإثرائهم منذ الطفولة، قد بات أمرا بالغ الضرورة، فكم من موهبة قد وأدها الزمان لأنها لم تكتشف، وكم من طفل متميز قد راح ضحية الإهمال والتحف اليأس وأحس أنه لا يختلف عن أقرانه بشيء.. أخي القارئ.. ما دعاني أو أثار أفكاري للحديث عن هذا الموضوع هو أنني كنت في حديث مع البروفيسور محمد صالح في قسم التاريخ بكلية المعلمين والجوف، وكنا في حديث حول الصحافة والكتاب الذين يأخذون مساحات يومية كبيرة على صفحات الجرائد اليومية، وكان من بين أولئك الكتاب: الدكتور العشماوي الذي لا إخاله يخفى على أحد منكم، ولعل الذي شد نظري للأمر هو ما ذكره البروفيسور من أنه كان قد عمل في الجامعة وكان العشماوي من تلاميذه، وقد قال: «كان العشماوي بارزاً ولافتاً للنظر منذ أن كان طالباً في الجامعة».. عندها تذكرت كثيرين من أمثال العشماوي ربما كان لديهم الكثير والكثير شعراً و نثراً وعلماً في مجالات متباينة ولكنهم لم يجدوا فرصة استغلال ملكاتهم أولاً.. ولم يجدوا فرصة لإظهار مواهبهم على الساحة الإعلامية كما يحظى بذلك الكتاب في كافة الصحف. إذاً لا بد من جهات خاصة تضم أناساً يفهموم ويقدرون معنى التميز، ويفكون رموز الإبداع منذ أيامه الأولى.. وبالتالي لن تضيع موهبة عند أي إنسان منا.. وسوف نستثمر طاقات أبنائنا وبناتنا ونؤهلها لخوض الميدان الفسيح، مدعمين أولئك المبدعين بكل جديد من البرامج والتوجيهات الإثرائية المفيدة.