لكل أمة فلسفتها التعليمية التربوية النابعة من فكرها وعقيدتها التي تشكل القاعدة الاستراتيجية لمنطلقاتها السياسية الداخلية والخارجية، في ضوئها تخطط، وعلى أساسها تضع نظمها المختلفة الاجتماعية، والتعليمية، والاقتصادية، وعلى إيقاعها تضبط حركتها في مختلف المجالات. والمملكة العربية السعودية مظلتها الاستراتيجية الشاملة كتاب الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فالإسلام دستورها الذي تستمد منه قوانينها ونظمها وسلوكها في مختلف المستويات، وهي تنطلق من قاعدة شرعية أساسها تغليب المصلحة العامة «حيثما كانت المصلحة فثمة شرع الله» ولهذا فهي توظّف المعرفة والعلم والإمكانات لخدمة هذه المصلحة. من هنا كانت المشروعات المتعددة التي أقيمت ونفّذت لإعداد المعلم في المملكة فكان تأسيس الكليات المتوسطة ومن ثم كليات المعلمين التي تطورت عنها في هذا السياق التنموي. وكليات المعلمين ذات خصوصية تستأثر بها مستقلة عن كليات التربية التابعة لمختلف الجامعات، وهذه الخصوصية تأتي من جانبين الأول أنها ميدانية تسد الحاجات العاجلة والضرورية التي تكشف عنها التجربة الميدانية فالمرحلة الابتدائية التي تم تأهيل المعلمين لها على عجل من خلال المعاهد والكليات المتوسطة أصبحت بحاجة إلى تطوير انسجاما مع متطلبات العصر وضرورات التنمية، وقد استجابت كليات المعلمين لذلك كله فأعيد فيها تأهيل أعداد كبيرة من المعلمين وما زال ينتظرها الكثير، وهذا التأهيل يتم ميدانياً وبكلفة قليلة ودون اضطرار لعزل المعلم عن جهازه وبيئته كذلك فان كليات المعلمين التي تنتشر على مساحة الوطن تغطّي معظم مناطق المملكة وتعمل على سد حاجات المدارس التربوية والإدارية، فهي ورش عمل تقوم بتدريب مديري المدارس والمرشدين ومحضري المختبرات، فمهمتها أقرب إلى أعمال الصيانة المستمرة لجهازنا التعليمي التربوي وكوادرنا الإدارية وقيادات النشاط.وهي على صلة وطيدة بمؤسسات المجتمع المدني وأجهزته المختلفة تعمل على تقديم الخدمات المتصلة فتدرّب وتعقد الدورات وتؤهل لسوق العمل في مجالاته المختلفة. فثمة حركة دؤوب تساعد على تطوير الهيئات والمؤسسات والإدارات تقوم بها الكلية سواء في ميدان الحوسبة أو رفع الكفاءة اللغوية «اللغة الإنجليزية»، أو الإدارية «دورات المديرين» أو التربوية «الدورات الخاصة بالمشرفين التربويين» وإعداد أصحاب التخصصات غير التربوية أو غير المطلوبة حاليا بسبب تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالها لكي يعملوا في المجالات التي ما زالت الحاجة ماسة إليها وذلك من خلال مراكز التدريب وخدمة المجتمع، وتقدم الدراسات المطلوبة عبر مراكز البحوث التربوية والعلمية .. الخ. أما الجانب الثاني الذي يكشف مدى الحاجة إلى هذه الكليات ويكرّس خصوصيتها فهو تخصصها في إعداد معلم المرحلة الابتدائية إعداداً شاملاً، فهي تعطي مخرجات ذات كفاءة عالية في مجال التخصص المحدد عبر أقسامها المختلفة فتبدو كل كلية جامعة تضم مختلف التخصصات بكلفة معتدلة، وبالتالي يتحول المعلم مرجعاً في تخصصه لزملائه الذين يعملون في المرحلة الابتدائية وفي الوقت ذاته يبدو مؤهلاً لتدريس مختلف المقررات الدراسية لانه درس مواد في مرحلة الإعداد العام في مختلف المجالات تؤهله لتدريس مختلف المواد المقررة على المرحلة الابتدائية بالإضافة إلى مواد تربوية من شأنها أن تعده الإعداد اللازم لمهمته الأساسية «التدريس» إذ تبلغ نسبة هذه المواد «العلمية والتربوية» ما يقرب من 75% من مجمل الساعات المقررة وبهذا تحقق هذه الكليات نمطاً فريداً من الإعداد تتميز به عن غيرها من مؤسساتنا الأكاديمية التربوية فضلاً عن تدريب المعلم تدريباً ميدانياً على مدى فصل دراسي كامل تحت إشراف كفاءات أكاديمية تربوية عالية المستوى. من هنا تتضح خصوصية كليات المعلمين ومهماتها المتعددة وتميّزها في مجال إعداد المعلمين وخدمة الجهاز التعليمي التربوي الرئيس وخدمة المجتمع وسد حاجاته في آن واحد، فالكليات بيوت خبرة رفيعة المكانة وورش عمل ميدانية.لذا كانت مسألة الحفاظ عليها والاستمرار في تطويرها وفق البرنامج الذي أعدته وكالة الوزارة لكليات المعلمين، ويمكن أن تتحول إلى جامعة تربوية تحافظ على مهماتها الرئيسة في رفد الجهاز التعليمي والاستمرار في تأهيله وصيانته تحت إشراف وزارة المعارف وفي خدمة مخططاتها.والله الموفق ..... عميد كلية المعلمين بحائل