باتت المباحث الفيدرالية الأمريكية « أف بي أي » مثار جدل غير مسبوق في باكستان وسط انتقادات حادة لأنشطة هذا الجهاز الأمني التي يعتبرها العديد من الباكستانيين ماسة بسيادة بلادهم وذكر بيان أصدرته لجنة تضم « 15 شخصية» من قادة تحالف الأحزاب الدينية الاثنين الماضي في إسلام آباد أن وجود عملاء المباحث الفيدرالية الأمريكية في باكستان بات يشكل تهديدا خطيرا لاستقلال البلاد وسيادتها . . مطالبا بضرورة طرد هذه العناصر فورا من باكستان. ورغم نفي السلطات الباكستانية في الأسبوع الماضي قيام عناصر من المباحث الفيدرالية الأمريكية بمداهمة بعض المدارس الدينية في إسلام آباد للبحث عن عناصر يشتبه في انتمائها لتنظيم القاعدة وحركة طالبان فإن قيادات هذه المدارس الوثيقة الصلة بتحالف الأحزاب الدينية تصر على أن بعض المدارس تعرضت لمداهمات من «أف بي أي» . وتتبنى مليحة لودهي الصحفية الباكستانية المشهورة والتي شغلت من قبل منصب سفيرة باكستان في واشنطن توجها معارضا لوجود أي عناصر للمباحث الفيدرالية الأمريكية في بلادها . . معتبرة أن الوقت قد حان لتطلب الحكومة الباكستانية من مسؤولي « أف0بي0اي » أن يحزموا أمتعتهم ويمارسوا أنشطتهم في مكان آخر غير باكستان. وقالت لودهي إنه يتعين على باكستان أن تكون حريصة على سيادتها وألا تخشى من أي عقوبات أمريكية . . مشيرة إلى أن العقوبات التي فرضتها واشنطن في الماضي على بلادها حفزت الباكستانيين لمزيد من الاعتماد على الذات في مسألة المتطلبات الدفاعية والمعدات العسكرية. وأضافت أن الحكومة الباكستانية مدعوة للامتثال لإرادة الشعب ورغباته وعليها أن تراجع الروابط الجديدة مع الولاياتالمتحدة . . فيما تساءلت لماذا يتعين على هذه الحكومة مساعدة المباحث الفيدرالية الأمريكية وهي تقتفي أثر العناصر التي يقال إنها متعاطفة مع تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن . وندد فضل الرحمن الأمين العام لتحالف الأحزاب الدينية الباكستانية الذي يحمل اسم مجلس العمل الموحد بما وصفه بالمداهمات التي تعرضت لها المدارس الدينية . . داعيا الحكومة الاتحادية في إسلام آباد لطرد عناصرالمباحث الفيدرالية الأمريكية . ويرى أسحق خاكواني « أحد نواب حزب الرابطة الحاكم في الجمعية الوطنية الباكستانية » أن العلاقات الباكستانيةالأمريكية تجتاز مرحلة فاصلة وتمر باختبار صعب وسط تحولات في آليات العلاقات الخارجية على مستوى العالم منذ أحداث 11 سبتمبر2001 وقال خاكواني في سياق مداخلة حول العلاقات الباكستانيةالأمريكية إن باكستان تقدرالهموم الأمنية للولايات المتحدة غير أنها تنتظر في المقابل إدراكا أمريكيا صحيحا لهمومها الأمنية. وكان طبيب باكستاني بارز يدعى عامر عزيز قد صرح للصحفيين بعد اطلاق سراحه في أواخرالعام الماضي بأنه تعرض خلال احتجازه «الذي استمر شهرا للاشتباه في أنه على صلة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان» للاستجواب من جانب عناصر من المباحث الفيدرالية والمخابرات الأمريكية. وبعد هذه الواقعة كما يقول المعلق الباكستاني رويداد خان في صحيفة الدون الفجر اعتقلت المباحث الفيدرالية الأمريكية طبيبا بارزا آخر في مدينة «لاهور» هو الدكتور أحمد جافيد خواجا مع عدد من أفراد عائلته للاشتباه في صلتهم بالقاعدة وطالبان في إجراء وصفه هذا المعلق بأنه «مخالف للقانون». واعتبر رويداد خان هذه الأنشطة للمباحث الفيدرالية الأمريكية مسألة تشكل انتهاكا لسيادة باكستان . . فيما تساءل عن السند القانوني الذي يبيح للمباحث الفيدرالية الأمريكية القيام بعمليات اعتقالات واستجوابات في باكستان. أما خورشيد كاسوري وزيرالخارجية الباكستاني «الذي يقوم حاليا بزيارة للولايات المتحدة» فينظر للمسألة بصورة أكثر شمولا في ضوء النزاع الباكستاني- الهندي . . معتبرا أن انضمام بلاده للتحالف الذي تقوده واشنطن ضد الارهاب قد أنقذها لأن الهند تريد تدمير إسلام آباد . وأفاد استطلاع للرأي العام الباكستاني نشرته صحيفة «نيشن» التي تصدر من إسلام آباد بأن نسبة لا تزيد على ثمانية في المائة اعتبروا أن خورشيد كاسوري سيكون بمقدوره اقناع نظيره الأمريكي كولين باول بالعدول عن القرار الذي اتخذته الادارة الأمريكية مؤخراً بإدراج المواطنين الباكستانيين على قائمة الجنسيات المتعين خضوعها لإجراءات أمنية مشددة في الولاياتالمتحدة. وأظهر الاستطلاع أن 89 في المائة اعتبروا أن كاسوري لن ينجح في هذه المهمة بينما امتنع ثلاثة في المائة عن الأدلاء بآرائهم . وأوضح وزير الخارجية الباكستاني أن المباحث الفيدرالية الأمريكية تقدم معلومات أمنية عن العناصر الارهابية للسلطات الباكستانية التي تقوم باعتقالها. . مشيرا إلى أن بلاده تتبادل معلومات أمنية واستخبارية مع نحو 50 دولة. وانتقد سيد منور حسن الأمين العام لحزب الجماعة الاسلامية «أكبر الأحزاب الدينية الباكستانية» ما وصفه بتغاضي الحكومة عن أنشطة المباحث الفيدرالية الأمريكية داخل باكستان. ونقلت صحيفة «نيوز» الباكستانية عن بينظير بوتو رئيسة الوزراء السابقة التي تقود حزب الشعب من منفاها في الخارج القول إن إسلام آباد منحت إذنا للمباحث الفيدرالية الأمريكية باعتقال أشخاص يشتبه فيهم داخل باكستان. وذكرت بينظير بوتو أن الرئيس الباكستاني برفيز مشرف ينعم منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر بمديح العالم لانضمامه للتحالف المناهض للارهاب غير أن علاقته الوثيقة مع واشنطن وسماحه في الوقت ذاته لتحالف الأحزاب الدينية بالصعود السياسي في باكستان مسألة تنطوي على قدر كبير من الغموض والالتباس . وفي مدينة «بيشاور» عاصمة الاقليم الحدودي الباكستاني المتاخم لأفغانستان . . نددت نقابة المحامين الفرعية بما وصفته بانتهاك القوات الأمريكية لسيادة باكستان. . ودعت السلطات الباكستانية لإطلاق سراح أحد أفراد قوات حرس الحدود الذي اعتقل لقيامه مؤخرا بإطلاق النار على جنود أمريكيين في منطقة تقع على الحدود بين باكستانوأفغانستان. ونسبت صحيفة «نيشن » إلى مصادر مطلعة القول إن الولاياتالمتحدة تعهدت لباكستان مؤخرا بعدم قيام القوات الأمريكية المتمركزة في أفغانستان بعبور الحدود إلى الأراضى الباكستانية في سياق عمليات المطاردة للعناصرالمشتبه في انتمائها لتنظيم القاعدة وحركة طالبان. وكانت جموع المحامين في مدينة «بيشاور» قد شاركت في مظاهرة حاشدة في ديسمبر الماضي احتجاجا على عمليات المباحث الفيدرالية الأمريكية داخل باكستان . . وطالبوا بوقف هذه العمليات. وفيما تستمر تفاعلات وتداعيات مسألة «أف بي أي» في باكستان . . قال قاضي حسين أحمد رئيس حزب الجماعة الإسلامية في كلمة أمام أنصاره في منطقة «لالا موسى» ان تحالف الأحزاب الدينية سيرغم المباحث الفيدرالية الأمريكية على الرحيل من باكستان.