من اختيار وتحقيق الاستاذ والمؤرخ فايز بن موسى البدراني الحربي صدر كتاب «من أخبار الملك عبد العزيز» من مذكرات الراوي محمد العلي العبيد فيما بين 1303ه حتى 1399ه وقد احتوى الكتاب الذي يقع فيما يزيد على 256 صفحة على قسمين بالاضافة الى المقدمة: اشتمل القسم الاول التعريف بالراوي والمؤرخ الشيخ محمد العلي العبيد اما القسم الثاني فتحدث عن مخطوطة العبيد وصفها وأهميتها وملحوظات حول منهج المحقق وكذلك نص المؤرخ العبيد بدءاً من ولادة الملك عبد العزيز ونشأته حتى وفاته عام 1373ه وفيما يلي بعض المتقطفات من الكتاب:جاء في المقدمة للمؤلف الحربي قوله ان الكتابة في تاريخ الملك موضوع ترتاح اليه النفس ويطمئن اليه البال ويتشرف به الكاتب المنصف وخاصة من لديه أدنى اطلاع على تاريخ المنطقة العربية قبل قيام الدولة السعودية التي غيرت مسار التاريخ على هذه الأرض الطاهرة وأوقفت نزف الحرقة والتناحر، وأبدلت بفضل الله لباس الجوع والخوف والجهل بلباس الكرامة والأمن والعلم وأعادت للعرب كرامتهم وللاسلام توهجه وصفاءه. ويواصل المؤلف قائلا: ولا أتجاوز الحقيقة اذا قلت انني اعتبر نفسي محظوظا ان أتيحت لي الفرصة لأساهم مساهمة بسيطة في الكتابة عن جزء بسيط من تاريخ الملك عبد العزيز وأخباره من خلال تحقيق هذا المصدر التاريخي المحلي المهم حيث ان خدمة تاريخ الملك عبد العزيز ستظل هاجساً وطنياً وأخلاقياً لكل من عرف الملك عبد العزيز عن كثب او قرأ تاريخه قراءة وافية منصفة. التعريف بالراوي والمؤرخ محمد العلي العبيد: هو محمد بن علي العبيد من أهل مدينة عنيزة ولد حسب افادته سنة 1303ه في بلدته عنيزة وكانت اذ ذاك من كبريات مدن نجد بل انها أكبر بلدان القصيم. وهو من آل ابي غنام من ذرية زهري بن جراح الثوري الذين منهم أمراء عنيزة آل سليم من قبيلة سبيع كما كتب ذلك الشيخ عبد الله البسام في كتابه علماء نجد. نشأ في مسقط رأسه وتعلم القراءة والكتابة في ظروف سياسية متقلبة وفي سنة 1308ه وقعت معركة المليداء وكان عمر الراوي خمسة أعوام ونشأ يتيماً وعند بلوغه الرابعة عشرة في 1317ه خرج العبيد في اول رحلاته لطلب الرزق متجها الى مكة في سنة 1321ه واستقر عند الشيخ هذال الشيباني وكان عمره ثمانية عشر عاما ثم عاد الى القصيم واشترك مع اتباع الملك عبد العزيز في حصار بريدة سنة 1322ه، وذكر انه في مكة عام 1327ه وفي بلدة الخرمة سنة 1330ه - 1331ه، وكان في مكةالمكرمة اثناء قيام الشريف بثورته ضد الدولة التركية 1334ه، وكان في الطائف سنة 1351ه ومن ثم امضى حياته متنقلا بين العارض والقصيم والحجاز في تجارته احيانا وشارك في بعض الوقائع التاريخية في قوات موحد الجزيرة العربية وعاد الى عنيزة حتى توفي سنة 1399ه. التعريف بالمخطوطة: تقع المخطوطة التي في يد المؤلف في 193 ورقة «386 صفحة» الورق العادي وقسمت الى ثلاثة اجزاء متداخلة فالجزء الاول مقسم الى عدة فصول وعناوين وهي في بداية شعر النبط بالجزيرة العربية وفي مسيرة العساكر الى نجد وفي ابتداء امارة الرشيد وفي وقعة بقعاء وفي دخول قوات عباس باشا الى المدينة وفي امارة جلوي بن تركي في عنيزة وفصل عند سنة 1277ه وفصل عند سنة 1279ه.والجزء الثاني وهو متصل ولم يتم تقسيمه الى فصول وعناوين رئيسية. والجزء الثالث ويشمل بقية المخطوطة.. ولاعطاء الباحث والقارىء فكرة اكثر وضوحا عن مضمون المخطوطة فقد قال المؤلف رحمه الله اني لم اضع في كتابي هذا الا ما شاهدته بعيني او نقلته عن رجال ثقاة اعتمد على صدقهم وحفظهم لما يشاهدونه او يرونه. ويضيف: انني امضيت نيفا وثلاثين سنة وانا اتجول بين البوادي ما بين حرب وشمر ومطير وعتيبة وقحطان وسبيع والبقوم والشلال والدواسر وهتيم وكلهم عرفتهم وعرفت اسماءهم واسماء زعمائهم واسماء عوائلهم.. وقد تحدث في خطبة طويلة في مقدمة الكتاب. وقد جاء في الكتاب عدة عناوين ونصوص منها عن ولادة الملك عبد العزيز ونشأته وابن رشيد يهاجم الرياض سنة 1320 عبدالعزيز ونجدة مبارك بن صباح سنة 1321ه شقراء تنضم للملك عبد العزيز - انضمام المجمعة - وحوادث انضمام القصيم سنة 1321ه. حديث عن وقعة ابن جراد وفضل هذال الشيباني 1321ه - اشتداد الصراع مع ابن رشيد في القصيم وحصار بريدة ومعركة البكيرية والشنانة ومناوشات مع ابن رشيد وعتيبة ومطير 1323ه نهاية عبد العزيز بن رشيد 1324ه الى جانب أكثر من اربعين عنوانا آخرها وفاة الملك عبد العزيز سنة 1373ه وكذلك ضم الكتاب فهرس الاعلام وفهرس الأسر والقبائل وفهرس المواضيع الجغرافية وفهرس موضوعات الكتاب. ويعتبر هذا الكتاب الثامن عشر من اصدارات المؤلف النشيط الاستاذ فايز بن موسى الحربي الذي سبق هذا الكتاب باصدار جديد بعنوان بعض الأعيان واعلام القبائل في وثائق المحكمة الشرعية بالمدينةالمنورة خلال العهد العثماني «960 - 1300ه» وقبله صدر للمؤلف الطبعة الثالثة من اخبار القبائل في نجد «850 - 1300ه» وجميعها لعام 1423ه. قصة مثيرة: ومن المشاهد والقصص النادرة التي جاءت في مخطوطة العبيد كما يرويها ويقول: انه في يوم 27 رمضان 1341ه بينما كنا نطوف بالبيت الشريف وقت السحر اذ ارسل الله علينا نوعاً من الطيور بكثرة عظيمة ونحن في المطاف وهي طيور بيض لها رقاب طوال وكان حجمها فوق الحمامة ودون الغراب، فأخذت تطوف فوق رؤوس الطائفين وتدور معهم حيث ارادوا، ولها صرير مزعج وكانت في طوافها تحاذي حزام الكعبة لا ترتفع فوقه ولا تنزل عنه، وكنت حسبت الساعة أتت.. ما مكثت في طوافها ساعة الا ربع فلما طلع الفجر انصرفت جميعاً جهة باب ابراهيم وهي تصوت جميعاً بصوت رفيع فكأنها قافلة ترحل وينادي بعضها بعضا.. ولقد سألنا عنها كثيرا من اهل ضواحي مكة فما وجدنا احد يذكر انه رآها «وما يعلم جنود ربك إلا هو». المحرر: إن المتتبع لنشاط الباحث التاريخي الاستاذ فايز بن موسى البدراني الحربي يقف مندهشاً بين الاعجاب والذهول للكم الهائل من الاصدارات الكثيرة في عمر المؤلف الشاب ومقدرته الفائقة وحبه للاطلاع والبحث والتحري والتنقل حيث انه لا يمل الاسفار والتنقل وجمع المعلومات صغيرة وكبيرة من افواه الكبار والرواة والمخطوطات ولا يحدد لنفسه مسارا وعلماً محدداً بل انه نهر من العلوم والمعارف. مؤلف وكاتب وشاعر ولديه متاحف وآثار وعلوم وفنون.. فايز الحربي لم يفتح له المجال أكثر برغم انه فرع لمستشار البحوث التاريخية في دارة الملك عبد العزيز الا انه ما شاء الله دارة في نفسه وما حققه حتى هذه اللحظة. وقبل الختام اطالب الاستاذ فايز بتنظيم لقاءات ومحاضرات ليستفيد الجميع من التاريخ الذي يحفظه ويلم به.. فهل تحقق ذلك؟