الله سبحانه وتعالى محيط بكل شيء، وهذه الإحاطة بكل شيء لا تكون لأحد إلا لله عزَّ وجلَّ، والله خالق كل شيء، قادر على كل شيء، عالم بكل شيء، ولذلك فإن قدرته فوق كل قدرة، وقوته سبحانه وتعالى فوق كل قوة، ولا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض،{وّأّنَّ اللّهّ قّدً أّحّاطّ بٌكٍلٌَ شّيًءُ عٌلًمْا} و {وّاللَّهٍ مٍحٌيطِ بٌالًكّافٌرٌينّ} و{إنَّ اللهّ بٌمّا يّعًمّلٍونّ مٍحٌيطِ} و{وّاللَّهٍ بٌمّا يّعًمّلٍونّ مٍحٌيطِ} و{إنَّ رّبٌَي بٌمّا تّعًمّلٍونّ مٍحٌيطِ} و {وّاللَّهٍ مٌن وّرّائٌهٌم مٍَحٌيطِ (20)}. هنالك إحاطة إلهية بكل شيء، صَغُر أم كَبُرَ، ضَعُفَ أم قوي، إحاطةٌ يضعف معها كل قوي من البشر، ويصغر أمامها كل كبير في هذا الوجود. هنا يكون اللجوء إلى اللَّه سبحانه وتعالى هو الطريق الموصِّل إلى النجاة حينما تنزل الشدائد، لجوء إليه لا تشوبه شائبة من شك في قدرته على كشف البلاء، ورد الأعداء. وإننا نحن المسلمين في هذا العصر بأمسِّ الحاجة إلى هذا اللجوء الصادق إلى الله العلي القدير» نعم.. لا بد لنا من إعداد ما نستطيع، والتفكير السليم في أفضل الطرق لمواجهة الباطل وأهله، والكفر وأساطيله، ولا بد لنا من مراجعة أنفسنا في هذه المرحلة الحرجة من حياة الأمة، مراجعة الناقد الناصح المنصف الذي يشير إلى موطن الداء بوضوح وصراحة، ليكون العلاج نافعاً. كل ذلك وغيره من الإعداد والتجهيز مهم جداً، ولكن اللجوء إلى اللَّه سبحانه وتعالى بصدق هو الأهم في هذه المرحلة التي ظهر لنا فيها أن الأمة قد فرَّطت في إعداد نفسها مادياً ومعنوياً، سياسياً وعسكرياً، لمواجهة أعدائها. فرَّطت الأمَّة سامحها اللَّه حينما شغلت نفسها بنفسها زمناً طويلاً، وحينما تركت فئة من أبنائها تصول وتجول في «صراع داخلي» أضعف الأمة كلها، وتركت فئة أخرى تبني علاقاتها على الخضوع للغرب أو الشرق فكراً وثقافة ونظاماً، وتصطنع لترسيخ ذلك صراعات داخلية، وحروباً ومطاردات أنتجت لنا أجيالاً تائهةً عن الطريق، معرضةً عن الحق. نعم.. فرَّطت الأمة عندما رفعت شعاراتٍ لا تمتُّ إليها ولا إلى دينها وشخصيتها بصلة، شعارات قومية أيديولوجية، ويسارية، وشيوعية، ورأسمالية ووجودية واشتراكية وبعثية، ومذاهب تلفيقية صاحبتها حملات إعلامية، وبرامج تربوية وتعليمية وثقافية، أسهمت كلها في خلخلة بناء أمتنا وفكرها وثقافتها، وأصابت أجيالها بالبلبلة والإحباط والإحساس بالضياع، وها هي ذي أمتنا تجني نتائج تلك المرحلة خضوعاً مؤسفاً لأعدائها، واستسلاماً مؤلماً لهم ولبرامجهم وأفكارهم، وذلة كبيرة أمام برامجهم العلمية وقواتهم العسكرية. كل ذلك قد حدث مع الأسف الشديد، وضاعت أصوات المرشدين والموجِّهين، والعلماء الغيورين، والعقلاء المثقفين، ضاعت أصواتهم في زحام الهرولة نحو النموذج الغربي، وحينما انكشف الغطاء، ظهرت الوجوه السوداء، وتهاوت مظاهر الادعاء. انتهت مرحلة مؤلمة، فماذا نصنع؟، لا بد من إعادة النظر بصورة عاجلة في صلب القضية ألا وهو «علاقتنا بالغرب» كيف تكون؟، ولا بد من استحضار كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الحال بصورة جلية لا تقبل التردد أو الشك، وإلا فإن المركبة ستغرق بالجميع لا سمح الله . ومع ذلك كله، وقبله وبعده لا بد من اللجوء الصادق إلى اللَّه . إنني أنادي كل مؤمن بالله وكتبه ورسله أن يجعل له برنامجاً يومياً للدعاء الصادق يوجهه إلى ربه المحيط بكل شيء يسأله أن يصدَّ عن المسلمين وبلادهم هذا الشر العنصري الصليبي الصهيوني، فإنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعوة الصادقة ليس بينها وبين الله حجاب. ولا بد من مراجعة جوانب حياتنا المختلفة لنصحِّح أخطاءنا، ولنرسم معالم بيوتنا ومدارسنا ومراكزنا المختلفة وفق شرع الله الصحيح، ولا بد مع ذلك من عمل كل الأسباب المادية الممكنة لمواجهة الهجمة الشرسة، ولنتذكر دائماً أن اللجوء إلى الله بصدق طريق النجاة. إشارة: إذا لم أستعن بك يا إلهي