ها نحن نعود للغربة مرة أخرى بفقدك يا صديقي لكن هذه المرة بأمر من الله عز وجل، كنا ننتظر عودتك وعدت إلينا وشاركتنا العيد بجسمك وروحك في عالم آخر. سنعود مرة أخرى نبحث عن قلب كقلبك.. وحب كحبك، لقد كنت كريما بحبك للجميع كأنك من نسل حاتم الطائي، أما تعاملك مع الغير فحدِّث ولا حرج. رحلت وكان وجودك بيننا كالحلم، لكن معظم الأحلام تتلاشى قبل أن تتحقق وتلاشى حلمنا قبل أن يكتمل بعودتك، حتى حلم جبروت إسرائيل سيتلاشى.. أحمد الله أنَّك رحلت من بيننا ولم ترحل من بينهم.. رحلت وتركتنا نصارع نحن والحبُّ في أمواج الحياة القادمة.. رحلتَ وقد كنتَ كلَّ شيء في حياتي كنت أنت من يجد حلول لمعادلات الحب.. وكنت تعرف لمن يهدى الورد وفي أي حديقة يعتنى به وأين يوضع، أما الآن فمعادلات الحب صعبة الحل في عالم التضحية والورد خائف أن يذبل.. ألم أقل لك إننا سنعود للغربة مرة أخرى..! رغم فارق العمر بيننا إلا أن بيننا قصة حب لم تكتمل ولم تكتب في قصائد المتنبي ولم توضع بنصوص لمسرحيات شكسبير ولم يدندن بها العشاق.. لقد كنت غالياً على الكل. اسأل دموع أبي.. ودعاء وعبرات أمي.. وصوت اختي المليء بالحزن.. وعيون اخوتي المحمرة. وأسأل قلبي وأنينه وحبي وحنينه.. كتبنا لك المقالات والقصائد والأشعار لكن لن تنفع ولن تعود بك إلينا لا نملك إلا الدعاء، وما نكتب إلا ما يمليه لنا القلب المنفطر.. رحلتَ وتركتَ لنا بقايا من الدموع.. رحلتَ وتركتْ لنا القلب المفجوع.. رحلت ولم تأخذ إلا أعمالك تركت كل شيء خلفك فمشوارك يستحيل فيه الرجوع. رحلت وكنت قويا لم ترحل بسبب عش العنكبوت فأنت أقوى، وأوهن البيوت بيت العنكبوت إنما رحلت لان هذا أجلك وقضاء الله وقدره (نحمد الله على كل حال). أحبك أقسم أنني ومازلت أصر على حبك.. رحلت وتركت خلفك زهرات اقبلن على الدنيا بقلب ابيض مليء بالحب والإنسانية.. مازلنا بحاجة لمثلك فأين نجد من يمسح الدمعة الصبيانية. ها أنت تعود لحضن أمك بعد ما كنت تصول وتجول فوق ظهرها هي الآن تحضنك بأمان.. خوفا من عوامل التعرية التي تخرج من القلوب. سنفقدك يا صديقي أنا والجميع.. الصحراء الإبل.. أشعة الشمس ستبحث عنك لتلتقط لها صورة وهي متزينة بنورها الذهبي ومختبئة خلف السحاب كأنها تطل على استحياء.. النخيل ستبكي لفقد ابن ظلها، الكل يبكي لانهم يحبونك. صالح العزاز.. لقد تركت فراغاً كبيراً وصعباً يستحيل على البعض أن يملأه، وقد لا يجرؤ البعض الأخر.. رحلت وتركتني وحيداً.. فأنا من ولد وحيداً.. وعاش وحيداً.. ويخاف أن يموت وحيداً. رحلت وأنا أتمنى أن أجد في البعض من صفاتك أمثال اخوتي بلا تحديد وأخواني الذين لم تلدهم أمي مثل عقل الباهلي.. ومحمد آل الشيخ.. هؤلاء أجد فيهم طلتك ورائحتك.. سأذكرك كلما أكلت خبز أمي لأني اعرف انك كنت تحبه سأذكرك كلما دخلت بهو الفيصلية ونظرت إلى جدرانها.. سأذكرك كلما رأيت الصحراء والبدوي والأمير والصغير والكبير.. لا املك إلا الذكرى والدعاء.. ؟؟؟؟ من أعزي؟! هل أعزي نفسي أم أعزي مستحيلك، أم اعزي الشيهانة وباقي العصافير.. أم أعزي الحقيقة التي ذهب أحد أنصارها في هذا الزمن؟! يا ليلة ما لاح لي في ظلها إلا رؤوس سود وبدر خاسفْ إن كان للظلماء عندك سلطة فلمقلتي من البصيرة كاشفْ أصلحت أوتاري وصنعت قصائدي وظللت أسأل أين غاب العازفْ أو كلما شيدت قصر سعادة عصفت عليه من الفراق عواصف رحلت ولن أسمع كلمة أبو البنادر.. وانتم لن تسمعوا إلى اللقاء يا أصدقاء. رحل صالح.. سقطت الكاميرا.. جف القلم. خاتمة إن القلب ليبكي.. وإن العين لتدمع.. وإنا على فراقك يا صالح لمحزونون. * من قصائد الشاعر عبدالرحمن العشماوي