الدكتور نعوم تشومسكي عالم لغويات وداعية سلام أمريكي الجنسية يهودي الديانة، يوصف بأمريكا بأنه كاتب يساري، والتصنيف الأمريكي لليسار، لا يعد وصفاً دقيقاً، فكل من يكتب عن خطر الهيمنة الإسرائيلية على السياسة الأمريكية ، وكل من ينحاز للسلام ويناهض الحرب، وكل من لا يتفق مع السياسات الرسمية الأمريكية يوصف بالكاتب اليساري، فالذي يقرأ أبحاث وكتابات نعوم تشومسكي لا يرى فيها نهجاً أيدلوجياً للماركسية أو انحيازاً للفكر السياسي لليسار العالمي، إنما الرجل يدعو للسلام، ولإعطاء الفلسطينيين، حقوقهم الشرعية، ويطالب بالحفاظ على اليهود بإنصاف من سلبت أراضيهم من العرب، لأن الاستمرار في دعم باطل الإسرائيليين سيجلب الخراب لكل اليهود الذين لا قبل لهم بمواجهة العرب إلى الأبد. نعوم تشومسكي كتب قبل أيام مقالة توضِّح المنحى الفكري للإدارة الأمريكية الحالية، وسبب إصرارها على شن حرب على العراق، هذا الإصرار الذي تعارضه القوى الإقليمية في المنطقة، والكثير من الدول الغربية الحليفة للولايات المتحدةالأمريكية، فضلاً عن الدول الأخرى التي لا تتفق مصالحها مع المصالح الأمريكية. في مقالة نعوم تشومسكي يورد العديد من التفسيرات عن مغزى الإصرار الأمريكي لغزو العراق، وأخطر هذه التفسيرات ما نقله العالم الأمريكي اليهودي قول الباحث في معهد«كارنيجي إنديومنت انترناشيونال بيس» لأبحاث السلام في الشرق الأوسط. حيث يقول الباحث إن خطط الإدارة الأمريكية الحالية تؤكِّد الإستراتيجية الكلاشيلية الحديثة للأقلية اليمينية المتطرفة الحاكمة في واشنطن والتي تهدد الجميع بالخطر وتسيء استخدام الوطنية من خلال إثارة الخوف في خطر التدمير بين العامة. هذه الإستراتيجية تمثل أهمية حيوية عندما يبدأ الوطنيون المتطرفون في وضع السياسات في العاصمة الأمريكيةواشنطن على أمل تحقيق أهدافهم المعلنة والتي تتمثل في الانفراد بالسيطرة على العالم من خلال التفوق العسكري، في الوقت الذي يتم فيه شن هجوم مدمر على مصالح جزء كبير من الشعب الأمريكي ذاته في الداخل. وقد تحدث ليفين كثيراً وبيقين كامل عن الولاياتالمتحدة باعتبارها تهديدا لنفسها وللجنس البشري كله وكما يكشف التاريخ فإنه من السهل جدا على القادة معدومي الضمير أن يثيروا خوف الشعوب وهذه هي الوسيلة الطبيعية لصرف انتباه الشعب عن خفض الضرائب لصالح الأغنياء وغيرها من السياسات التي تهدد رخاء وحياة الطبقة الوسطى والفقراء ومستقبل الأجيال القادمة. هذا ما يقوله المفكرون الأمريكيون عن الفكر الذي يقود أمريكا والذي تريد فرضه على العالم ولا نريد أن نقارن بين هذا المنحى الوطني المتطرف «الشوفيني» مع ما سبقه من أفكار سابقة قادت العالم الى حروب مدمرة منها الحرب العالمية الأولى والثانية، وندعو كل ذي فكر وبصيرة إلى إعادة قراءة تاريخ الأنظمة التي غالت في الوطنية وشنت الحروب المدمرة لفرض أفكارها وأن يقرأ الأمريكيون بالذات ما يكتب مفكروهم عن الاندفاع غير المتروي في فرض الفكر الأمريكي اليميني المتطرف.