تمثل المحاولة التي قامت بها دائرة الأوقاف الاسلامية بصيدا وبتصميم المعماري الدكتور صالح لمعي مصطفى بالقاهرة وحيث تم ترميم الجامع العمري الكبير مع نهاية العام 1986م واحدة من أهم محاولات الحفاظ المعماري التي تمت في الشرق الأوسط نظرا لأهميتها الثقافية والسياسية. وتنبع أهمية محاولة الحفاظ والترميم نظرا لتهدم المسجد وتعرضه لدمار كبير من جراء أعمال الحرب والغارات الجوية أثناء الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان عام 1982م. وقد تم ترميم هذا المسجد بتعاون وثيق بين أهالي مدينة صيدا وبتمويل من أحد أبنائها وبين فريق من المعماريين والطلاب من جامعة بيروت العربية. ومن المثير حقا انه بعدما تهدم المسجد بشكل كبير فقد رفض أهالي صيدا بناء مسجد جديد بل فضلوا إعادة بناء مسجدهم القديم وترميمه. وقد نال هذا العمل تقدير مؤسسة الأغاخان للعمارة الاسلامية فتم إعطاء هذا العمل المعماري المتميز جائزة تقديراً لرمزية أعمال الحفاظ والرسالة التي تنقلها الفكرة ثقافياً وسياسياً بتحدي العدوان الاسرائيلي على المدينة وعلى المسجد، وتحفيزا لمن تهدمت مدنهم من جراء الحرب للحذو بالمثل. وقد تطلبت أعمال الترميم والحفاظ سرعة التنفيذ منعا لانهيار الأجزاء المتبقية للمسجد. ويعد هذا المسجد من أقدم المساجد القائمة في مدينة صيدا. وتعود بعض سمات المسجد للفترة العثمانية مثل المئذنة الوحيدة التي يحتويها المسجد. ويعود تاريخ إنشاء المسجد أصلا إلى عصر المماليك البحرية حيث تم بناؤه عام1291م. ويحتوي المسجد بتخطيطه الأفقي على فناء رئيس تحيط به أربعة أروقة تغطيها قباب وقبوات محمولة على بواكي ذات اقواس، كذلك يحوي صالة مستطيلة باتجاه القبلة ومدخلين للجامع. ويتم استعمال المسجد حاليا - بالإضافة إلى وظائف الصلاة - كمدرسة دينية وكمكان تجمع لأهالي البلدة. ويعد هذا المشروع فريدا بحق من حيث الفكرة ومن نواح معمارية فنية لبساطته وجماله.