كم هو جميل ومسعد ومفرح للوالدين أن يريا ابنهما، أو بنتهما أو هما معا، وقد حفظا كتاب الله عن ظهر قلب,, وأصبحا يتلوانه في كل مكان وزمان، بروح مشبعة بالإيمان واليقين؟ كم هو عظيم وجليل لمن وفقه الله لحفظ القرآن الكريم أن يؤمن به حق الإيمان بأنه كلام الله الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد),, ومع هذا الإيمان يكون الالتزام والامتثال لأوامره ونواهيه,, فالعباد متعبدون بتلاوته والعمل به تطبيقا. القرآن هو الكتاب السماوي الوحيد الذي لم تستطع قوى الشر من أصحاب العقائد الأخرى أن تنال منه بتحريف أو تغيير,, ولا حتى بجملة واحدة، بل ولا حتى بحرف واحد, ذلك أن الله تبارك وتعالى تعهد بحفظه نقيا يقرؤه المسلم في آخر الزمان، كما قرأه النبي المنزل عليه وهو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وصحابته في أول الزمان دون ان يَخلَق,, أو يمل قارؤه من تكرار تلاوته. لقد تعهد الله بحفظ القرآن ليبقى نظاما لحياة البشر الى يوم القيامة (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). *** ومن فضل الله جل وعلا على هذه البلاد المباركة ان جعل قادتها قدوة صالحة في الخير وأجل ذلك الاهتمام بالقرآن والعناية به دراسة وتعليما وتلاوة وحفظا. *** وما (مجمع الملك فهد للمصحف الشريف) في المدينة إلا أوضح دليل على الاهتمام العظيم من لدن ملوك وأمراء أسرة (آل سعود) بالقرآن الكريم باعتباره الأساس الذي قامت عليه هذه المملكة، وقام حكمها ونظامها على تطبيقه والاهتداء بهديه تنفيذاً لأوامره واجتناباً لنواهيه. فقد أمطر هذا المجمع المبارك ديار الإسلام في المشارق والمغارب علاوة على المملكة بملايين المصاحف التي طبعها هذا المجمع الفريد من نوعه دقة، وصحة، وجمالا في الاخراج. لا يراد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة. *** وما (المسابقة الدولية الكبرى سنوياً في حفظ القرآن وتجويده وتفسيره) والتي تقوم بها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد إلا شاهد آخر على العناية العظيمة بالقرآن العظيم من قبل قادة هذه الديار المقدسة وحرصهم على تحفيظه لأبناء الإسلام حتى يكونوا بذلك رسل خير ومحبة وإصلاح في أوطانهم ومجتمعاتهم ورجالاً مؤهلين للدعوة الإسلامية. *** أما (المسابقة المحلية الكبرى لأبناء وبنات المملكة العربية السعودية) والتي يقوم بها ويتولى الصرف عليها، من ماله الخاص صاحب السمو الملكي الأمير الجليل سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض فهي ليست إلا تواصلا مع تاريخه المضيء بجلائل الأعمال,, وإنجازاته الكثيرة والجليلة في كل مجال يخدم الإسلام، ويرفع شأن المسلمين، ويجلب لهم الخير والاغتباط، وأن هذه البلاد التي منها شعَّ نور الإسلام، وعلى ثراها الطاهر نزل القرآن، ودرج سيد المرسلين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام هي أيضا السند الأكبر للعرب والمسلمين. فجائزة مسابقة سموه لحفظ القرآن وتجويده والتي خصص لها (مليونان ونصف المليون ريال) كل عام، هي إحدى مكرماته وحسناته وإسهاماته الكريمة في أعمال الخير,, ولكنها ليست هي الوحيدة فيما قدم لوطنه وأمته العربية والإسلامية من جلائل الأعمال، ووهائب الإحسان المنبثقة عن (رئاسته) لعدد من لجان الإغاثة التي تمد بخيرها (فلسطين) و(أفغانستان) ابان حربها ضد روسيا، و(البوسنة والهرسك) و(كوسوفا) و(الشيشان) وغيرها من عربية وإسلامية فضلاً عن المحلية. لقد كان القدوة في كل لجنة من (لجان الاغاثة) التي يرأسها، حيث يبدأ بالتبرع بمبلغ كبير, فتنثال بعد ذلك التبرعات من أهل الخير في هذه البلاد بروح مستمرة لكسب الخير الأبدي عند الله (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) ومن ثمار هذه الأيدي الكريمة، والنفوس الرفيعة، والقلوب الرحيمة، والجهود الموفقة لسمو الأمير سلمان واخوانه المواطنين,, تحقق على يدي سموه عمارة المساجد التي دمّرها (الصرب) الأنجاس في (البوسنة) و(كوسوفا) وغيرهما,, وبنى المدارس، ليتلقى فيها شباب المسلمين العلوم الأساسية، علوم الدين الاسلامي، والى جانبها العلوم المعاصرة, وأوجد كذلك المستشفيات والمخيمات للاجئين الى جانب الاغاثة بالأطعمة والأدوية والخيام والبطانيات التي يأمر بها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز الى كل بلد في العالم يصاب بجائحة من حروب أو زلزال أو غرق أو نحو ذلك، حتى ولو لم يكن المغاث بلدا مسلما. وبعد: فإن ما أشرت إليه آنفا ليس الغرض منه الثناء على ما يقوم به قادة هذه البلاد من أعمال الخير لعامة العرب والمسلمين مع استحقاقهم للثناء بجدارة وإنما الهدف إظهار ما لهذه البلاد من أيادٍ بيضاء في كل مشروع أو حقل إسلامي كبير، ولحفز الذين لم يتقدموا بعد في سباق الخير لكي يغذوا سيرهم للحاق بمواكب الخير والعطاء، الذي لا يرجى منه إلا ما عند الله (وما عند الله خير وأبقى) (ومن يوق شحَّ نفسه فأولئك هم المفلحون).