تخريج الدفعة الأولى من خريجي برنامج أكسفورد لمستقبل العقار في بريطانيا برعاية عين الرياض    الأسهم السعودية تتراجع نحو 7% وسط تراجع الأسواق العالمية    نائب أمير المنطقة الشرقية يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    اطلاق "جائزة الابتكار الصناعي" لدعم وتمكين الحلول الابتكارية في القطاع الصناعي    مستشفى الرس يُجري أول استئصال لوزتين بتقنية "الكوبليشن"    مؤتمر "مبادرة القدرات البشرية" يكشف عن قائمة المتحدثين بمشاركة 300 من قادة الفكر والرأي العالميين    266 ألف طالب وطالبة ينتظمون في الدراسة بمدارس الأحساء    أمير جازان يستقبل منسوبي الإمارة المهنئين بعيد الفطر المبارك    من أعلام جازان.. الدكتور خالد علي يحيى النجمي    المنتخب الصيني يخسر أمام نظيره السعودي في أولى مبارياته بكأس آسيا تحت 17 عاما    أسبوع حاسم ترقب لبيانات التضخم وأسعار المستهلكين    أكدت مرونتها وفقاً لتطورات السوق.. «أوبك بلس» تزيد الإمدادات في مايو    في ختام الجولة ال 26 من دوري روشن.. فرق القاع تسعى للهروب من خطر الهبوط    في ختام ثاني أيام الجولة 26 من روشن.. الاتحاد يرفض الخسارة أمام الأهلي في ديربي الغربية    ماتياس: صعب علينا تقبل التعادل مع الاتحاد    خُطط لإنشاء شبكة طرق تحت الأرض في الرياض    17 ألف طفل فلسطيني في سجل شهداء الإبادة الجماعية    إدارات التعليم تطبق الدوام الصيفي في المدارس.. اليوم    1071 حالة ضبط لممنوعات بالمنافذ الجمركية    إحباط تهريب 51.4 كيلوجرام من الحشيش    للتعريف بالحِرف الوطنيّة الأصيلة.. إطلاق مبادرة لوحات «وِرث السعودية» على الطرق السريعة    ياسمين عبد العزيز تستكمل تصوير فيلم «زوجة رجل»    حلوى العيد .. نار وبواريد    استنكرت وأدانت استهداف الاحتلال للمدنيين العزل.. السعودية تطالب العالم بوضع حدٍ لمأساة الشعب الفلسطيني    الولايات المتحدة تلغي جميع التأشيرات لمواطني جنوب السودان    وزير خارجية بريطانيا: إسرائيل تحتجز اثنين من نواب البرلمان البريطاني    "يونيسف" تحث إسرائيل على السماح بدخول قوافل المساعدات إلى غزة    حرس الحدود لمرتادي الشواطئ.. التزموا بإرشادات السلامة    في الشباك    لودي: النصر كان الأفضل    الرياضات الإلكترونية في المملكة.. نمو سريع ومستقبل واعد    الرياض وصناعة الفعاليات    مترو الرياض.. جسر للقلوب    إرثٌ خالد ورمزٌ للأصالة    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    محمد بن سلمان.. إنسانية عميقة    العثور على بقايا ماموث في النمسا    أسرار في مقبرة توت عنخ آمون    عشريني ينافس العمالة بالتكييف والتبريد    نائب أمير الرياض يعزي زبن بن عمير في وفاة والده    بلان يكشف سر مشاركة أوناي    جامعة جدة تبدأ القبول لبرامج الدراسات العليا    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    خطيب المسجد الحرام: مواسم الخير لا تنقضي وأعمال البر لا تنقطع    إمام المسجد النبوي: الاستقامة على الطاعات من صفات الموعودين بالجنة    كرة ذهبية في قاع المحيط    كيف تحمي طفلك من قصر النظر؟    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يعيد زراعة أذن مبتورة بنسبة تزيد على "50"%    مستشفى الرس.. مبادرة مبتكرة لتحسين تجربة المرضى    بلدية الدمام تعايد مسؤولو ومرضى مستشفى الملك فهد بالدمام    الفنان التشكيلي سعود القحطاني يشارك في معرض جاليري تجريد 2025    الفنون البصرية تطلق غدًا "أسبوع فن الرياض"    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنون
لما هو آت
نشر في الجزيرة يوم 20 - 02 - 2000

تعوَّد الإنسان أن يَسِمَ كلَّ عملٍ خارجٍ عن أُطر الاعتيادي بالجنون,,, فهناك عمل مجنون، وهناك فكرة مجنونة، وهناك حب مجنون، وهناك قتل مجنون,,, والجنون سمة الخارج عن المألوف في صور صارخة حدَّ الوضوح، حدَّ الإعلان عن ذاتها، حدَّ التمرد على حدودها,,.
هناك عشق يرتبط بالجنون,,.
فالذي يحب يجن,,.
الذي يحب عمله,,, يُغرق ذاته فيه,,, لا يضع أي اعتبارات للزمن الذي يستغرقه فيه ومنه، وهو لكي يؤديه يتنازل عن راحته لأنه لا يُقيده بزمن، وهو لكي يعبِّر عن حبه له يمنحه كلَّ جهده دون أن يركن إلى نفسه، وهو لكي يَرضى بأدائه في صورةٍ تُميزه لا يفكر في عائداته، يعمل ليلاً ونهاراً، يضيف، ويطور، ويغير، و,,, يتفرَّد بجنون حبه لعمله,,.
والذي يعيش في بوتقة الأفكار يُرسلها بعد أن يُبلورها ويقلِّبها وينقِّحها ويتفاعل معها، يُغذيها عن كلَّ رافد، ويرفِدها عن كلِّ مجرى، ويُحيطها بكل تميز وتفرُّد,,, فتأتي مجنونة مجنونة,,.
والذي يعشق القتل,,, فيمارسه بسادية مجنونة,,.
والقتل أنواع,,, قتل الجسد، وقتل النفس، وقتل المشاعر،
فالحروب المجنونة القائمة خير مثال لجنون القتل، لساديته، وعنفوانه، وطحنه وسحقه للأجساد وللعمار، وللخضار،,,, وهو مع هذا القتل البشري الذي يحصد الأجساد والمدن، هو أيضا قتل من نوع آخر,,, قتل للنفوس وللمشاعر,,, ولكلِّ الجمال على الأرض,,.
وهناك من يقتل الروح والمشاعر والأحاسيس بالغيرة أو بالحسد أو بالكره، أو بالضغينة، أوحتى باللفظ,,, فإذا ماتفنن في أسلوب القتل هذا، وابتكر طُرقاً له، وأمعن فيه أصبح داخل دائرة الجنون,,.
وهناك من يحب بشغف، يملأ عليه حبه كل ذرة في كيانه، وكل لحظة في حياته,,.
ويشغَر قلبه بنبض هذا الحب,,, فلا يرى ولا يسمع ولايتحرك ولا يتنفس إلا في ملكوت هذا الحب فيدخل في دائرة الجنون,,.
وهناك,,, وهناك,,.
كلُّ عمل خارج عن المألوف جنون,,.
والجنون فنون ,,, ذلك لأن المجنون مفتن,,,، والفتون ابتكار، غير اعتيادي،
ولأن الجنون خروج عن المألوف، إما بمخرجات الداخل، وإما بالسلوك الحركي، فإن الجنون سالب في شتى حالاته,,.
أدناها شقاء صاحبه الشخصي فيما بينه وبين ذاته، وأقصاها شقاؤه بين من حوله،
هناك من الجنون ما حطم علاقات الناس فيما بينهم,,,، بين الواحد والآخر، وبين الواحد والأكثر,,,،
وهناك من الجنون ما أقصى صاحبه عن الجماعة,,.
وهناك من الجنون ما بتر صاحبه عن المحيط,,.
والجنون سمة السرعة والعجلة، فكم من محب تهور، بجنون عاطفته، وكم من كاره ندم لجنون مشاعره، وكم من قاتل أدرك مغبة جنونه، وكم من مفكر تراجع عن عنفوان فكرته,,.
ذلك لأن الجنون حالة فَقدٍ للسيطرة على بوصلة التحكم في الدافعية التلقائية في الإنسان، فتأتي في صورها الإيجابية خارجة عن المألوف، وفي صورها السالبة كذلك,,.
لكن الإيجاب فيها قد يصل إلى نقطة إبداع وهذا يحدث مع الشعراء والعلماء والناثرين وقد يصل إلى نقطة قضاء وهذا يحدث مع الغيورين، والقتلة، والحاقدين، وسواهم، ففي الإبداع بناء، وفي القضاء هدم,,.
فأي الجنون يكون,,,؟!
ولأن الجنون سمة العصر,,.
فقد كثر المجانين، وأصبح الجنون قاعدة في الحياة وليس طارئاً,,.
إذ: ازداد اللاهثون الهاربون خارج بيوتهم,,.
وازداد القتلة والمتمردون,,.
وازداد الحاقدون المُحرِقون,,.
فانتشر التفكك، وضعفت البُنى الأسرية مناط الاطمئنان الفردي والجمعي،
وهُدِّمت العلائق، وتفكك الناس، وتمزقت العلاقات,,, على صعيد جنون الأفراد، وقتل الإنسان، وطُمست الإنسانية، وانتُهكت حقوق الشعوب على مستوى جنون العالم، وغرق العالم في جنون الماديات,,.
الهارب الوحيد عن أطر وأسيجة الجنون هو الحب,,,، إذ أصبح طائراً يُحلق بجناحين كسيرين,,, في هذا الزمن المجدب,,.
بينما كان الوحيد الموسوم بالجنون,,,!!
ومع ذلك,,, فهناك ندرة في وجود مجانين الحب,,, فإلى أي الجنون توسمون؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.