يتجدد العطاء، يستمر البناء ، تتقدم المسيرة نحو النهضة الشاملة والمزدهرة التي تشهدها المملكة في ظل قيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - ومع تجدد العطاء واستمرار البناء وتقدم المسيرة نشهد كل عام الملحمة النهضوية التي تخوضها السعودية وقد شهد العام الماضي مرور 21 عاما على قيادة الفهد كأبرز الأحداث التي مرت حيث النهضة السعودية ومواقف خادم الحرمين الشريفين كان لها نصيب كبير وبارز من بين أحداث العام، فمنذ تقلد الفهد المسئولية عام 1982 والمملكة قطعت أشواطا كثيرة وحققت طفرات تنموية هائلة في شتى المجالات وتجلت فيها حكمة وحنكة القيادة السياسية في ظل توجيهات الفهد. فما حدث في السعودية ليس فقط مجرد تنمية تتحدث عنها إنجازات عملاقة في الحقول الخدمية والصناعية. فما حدث هو مشروع نهضوي شامل وضع الانسان السعودي في قلب العملية التنموية كجزء أصيل فيها عاما بعد عام. العام الماضي شهد إضافات ثرية ومواقف تجلت فيها براعة الحكمة والتقدير وادارة الأحداث على كافة الأوضاع سواء الداخلية أو الخارجية. نلمس ذلك بوضوح وثبات عند قراءة هذه الأحداث . في بداية العام كانت الوثبة الشجاعة للمملكة والتي تمثلت في مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد الأمين لإحلال السلام في المنطقة وحل الصراع العربي الاسرائيلي والتي تبنتها قمة بيروت الأخيرة كمبادرة عربية للسلام، هذه الوثبة تأتي إنطلاقا لشمولية الرؤية السياسية للمملكة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين التي أرساها. فالفهد صاحب رصيد ضخم من الخبرة والتجربة، فمن قبل كانت مبادرته والتي سميت بمشروع الملك فهد للسلام في الشرق الأوسط ومبادرته في اتفاق الطائف وغيرها من المبادرات التي أضافت للمملكة مكانة وميزة ليصبح صاحب هذا الرصيد الضخم حقيقة ماثلة في الشرق الأوسط وفي العالم. فقد كان ومايزال موقف السعودية من القضايا العربية والاسلامية ثابتا وواضحا ومنها القضية الفلسطينية على سبيل المثال حيث ينطلق الفهد من مواقفه المسئولة لنصرة القضية الفلسطينية. وأصبحت هذه المواقف من مرتكزات السياسة الخارجية السعودية حتى تميز عهد الملك فهد في نصرة القضية الفلسطينية بتوظيف جميع امكانات المملكة وثقلها الدولي في سبيل دعم الفلسطينيين. وتثبيت حقهم في تقرير المصير والعودة وايجاد حل سلمي عادل لقضيتهم حيث تصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال الملك فهد في جميع اتصالاته على مدار العام مع استمرار تقديم الدعم المقرر بناء على اقتراح انشاء صندوق الأقصى والانتفاضة وهو اقتراح ومبادرة من المملكة وولي العهد الأمين. وتركز دعم الفهد للقضية الفلسطينية في سبيل تحقيق تسوية شاملة وعادلة للشعب الفلسطيني في تبني وتأييد القرارات الدولية المؤيدة للشعب الفلسطيني ومعارضة أي قرار يمس بالحقوق العربية والاسلامية والتأكيد في المحافل الدولية على ضرورة تأييد الحقوق الفلسطينية ورفض الاحتلال الاسرائيلي والمطالبة بانهاء ومطالبة المجتمع الدولي بعدم التعامل مع القضية الفلسطينية بمعايير مزدوجة والتأكيد على ضرورة الالتزام بمواثيق الأممالمتحدة والشرعية الدولية وتنفيذ قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية. الأمن والسلام الدوليان وفي مجال حفظ الأمن والسلام الدوليين كان للفهد والمملكة الدور البارز على مدار العام الماضي، ففي ظل التداعيات التي شهدها العالم بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أكدت المملكة على مواقفها الثابتة حيث يعتبر حفظ الأمن والسلام الدوليين أحد الثوابت الأساسية في توجيهات المملكة ويعكس حرصها الدائم على تحقيق أمن واستقرار المنطقة العربية والاسلامية ويؤكد هذا المنهج قول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز: لقد كنا دائما وأبدا من الطالبين بنظام دولي يخلع ثياب الكراهية ويتحرر من لعنة الحروب ويرتبط بعلاقات من المودة الخالصة. وأشار: لقد نادينا ولا نزال بالسلام المبني على الحق والعدل وما كانت منادتنا شعارا يرفع وانما هي مناداة صحيحة صادقة ليست وليدة الساعة بل هي إحدى مرتكزات السياسة السعودية الخارجية. فكان للمملكة في عهد الفهد حضورها الدائم في المحافل والمنتديات الدولية والاقليمية بكل ما تملكه من ثقل سياسي ومكانة مرموقة. أما أمام الحملات الدعائية الشرسة التي استهدفت المملكة طوال العام الماضي فقد تعاملت معها المملكة بأسلوب رشيد وعاقل مستمد من حكمة خادم الحرمين الشريفين في ادارته للأمور. فقد تعاملت الدبلوماسية السعودية مع هذه الحملات والقضايا الدعائية التي أثارتها بأناة وتروٍ وبعيدا عن الانفعال والضجيج والصخب وتبيان الحقائق وتحاشيا للمهاترات وصولا للمعالجة الصحيحة والمتزنة لكافة الأزمات والمشكلات. فقد شهد العام صدور تقرير سمي بتقرير راندا والذي زعم أن المملكة العربية السعودية تدعم المنظمات الارهابية وكذلك الدعوى القضائية التي تم رفعها أمام المحاكم الفيدرالية الأمريكية والمطالبة بتعويضات قدرها 116 تريليون دولار لأسر ضحايا هجمات سبتمبر والتي اختصمت فيها بنوك ومنظمات خيرية اسلامية سعودية وسودانية وكذلك الحملات الصحفية التي اتهمت أميرة سعودية بتدعيم اثنين من منفذي هجمات سبتمبر ووجود تحويلات مالية غير مباشرة وتعاملت المملكة مع هذه الحملات برؤية ثاقبة وموقف ثابت وواعٍ لاتجاهات الأحداث ومسارها حيث أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد الأمين على متانة العلاقات الأمريكية السعودية وأنها علاقات تاريخية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والسعي الى تحقيق الاستقرار والسلام والعدل في العالم وفق الأعراف والقوانين الدولية. ومن يتابع الخط الثابت للمملكة وخادم الحرمين الشريفين يجد أنه يعتمد على الرصانة والحكمة والهدوء وتجنب الانفعال والتسرع ولهذا تتم معالجة الأزمات بديناميكية فعالة بعيدا عن ضجيج الاعلام وصخب التصريحات الرنانة فالفعل لا القول هو أساس دبلوماسية الفهد والمتتبع لسياسة المملكة وخاصة الخارجية يلاحظ بعدها الشديد عن الدبلوماسية المتمثله في طغيان الضجيج الاعلامي على النشاط الدبلوماسي ذاته. أما على صعيد القضايا الاسلامية والتنمية فتتوالى الانجازات فهناك رباط قوي وحبل سري يربط فكر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وبين القضايا الاسلامية وقضايا التنمية والنهوض في كافة المجالات انطلاقا من التمسك بعروة الاسلام الوثقي مع الأخذ بكل أسباب التقدم والنهضة حفاظا على الهوية والوقوف على هذه الحقيقة في شخصيته سهل وتزداد وضوحا عاما بعد عام لتوالي انجازاته، فتوسعة الحرمين الشريفين من أبرز محطات هذه الحقيقة ومساعداته المستمرة ومآثره الانسانية. أيضا ضمن هذه المحطات البراقة فالملك فهد يعد رجل دولة من طراز أول يتدفق حبا وحيوية لرفعة دينه ووطنه. والواقع أن تاريخ خادم الحرمين الشريفين الوطني ودوره في نهوض وتنمية بلاده بدأ قبل توليه مسئولية الحكم بسنوات عديدة وذلك منذ كان أول وزير للمعارف في عهد الملك سعود عام 1953 وتوليه وزارة الداخلية عام 1962 ثم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء في عهد الملك فيصل عام 1967 وكان ضمنها أحد الوزراء المسئولين عن اعداد خطط التنمية الخمسية بالمملكة ثم وليا للعهد عام 1975 وهذه الأدوار صقلت تجربته وعمقت خبراته وعملت على تكريس معرفته بأدق التفاصيل مما جعله رجل المستقبل والذي لا يتهاون بشأن الحقوق الثابته كما أن المملكة العربية السعودية تتمسك بثوابتها دائما ولا يمكن أن تفرط فيها تحت أي ظروف ولا تسمح لأحد أن يساومها على هذه الثوابت وأن الاسلام هو الأساس وهذه الثوابت هي التزام واضح وخادم الحرمين الشريفين يعمل بسياسته الرشيدة على اقامة التوازن بين الدين والدنيا ولهذا تسعد المملكة كل البشر ويتجلى ذلك في مواسم الحج حيث تستعد المملكة مع نهاية كل موسم ماض تتعرف على الأخطاء وتقوم بحلها وتبحث في وسائل الاتصالات والمواصلات وتعمل على التطوير الدائم، أيضا تقوم كل عام بتطوير للحرمين الشريفين. وهكذا تستمر المسيرة في رحاب الانجازات الحضارية لخادم الحرمين الشريفين وعطائه الأقليمي والدولي فعلى امتداد 21 عاما خلت وحتى اليوم كانت المملكة مثالا للانجاز والبناء الوطني الشامل مثلما كانت مثالا يحتذى به في مواقفها المناصرة والمساندة لأمتها ولقضاياها العادلة ودفاعها عن سماحة الاسلام الحنيف صدقت القول بالعمل الجاد وكانت خير مؤازر لعدالة الحق الفلسطيني وفي طليعة الداعين للنضال المشروع للشعب العربي الفلسطيني لاستعادة حقه المغتصب من خلال الدعم المالي المستمر ومن خلال المساندة السياسية والمعنوية الكثيرة لدى الدوائر والأوساط العالمية على اختلافها فقد حققت المملكة بقيادة خادم الحرمين مكانة يشار اليها بالاعجاب على خارطة العالم فهى اليوم دولة ذات شأن متميز بين الدول لها كلمتها المسموعة ومكانها المقدر وهى سمات تحققت بفضل قيادة خادم الحرمين الشريفين .