تحمل مدينة فلورنسا بإيطاليا أهمية خاصة في الوعي الغربي نظراً لدورها المهم في بعث الإشعاع الفكري والفني بخاصة في العصور التي شهدت النهضة الغربية الحديثة والتي تعرف بعصر النهضة. وقد تخللتها فترات طويلة من الإنتاج الفني والعطاء في مختلف الفنون النظرية وشهدت المدينة مولد مجموعة من الفنانين الذين تركوا آثاراً فنية متميزة في المدينة وفي العالم اجمع ومنهم Cimabue و Giotto ووصل الإنتاج الفني ذروته في عهد الفنان العالمي Michelangelo. وبالإضافة إلى أهمية المدينة الفنية والآثار المعمارية المتعددة التي صبغت بها، فللمدينة أهمية موازية من نواح سياسية واقتصادية واجتماعية وأدبية، فقد شهدت أعمال Dante بالإضافة إلى أن البدايات التي قام بها العديد من المعماريين أمثال Rucellai قد مهدت لأعمال المعماري الشهير Alberti وحيث وصلت العمارة أوج ازدهارها في العصور الوسطى في عهده. وقد ازدهرت المدينة يشكل خاص في القرن السادس عشر وهو عهد مايكل انجلو وجورجيو فاساري وهم من أسهموا بنصيب كبير في عمارة المدينة أكثر من أي معماريين آخرين شهدتهم المدينة وحتى البرتي كما يدعي بعض الباحثين في نشأة وتطور المدينة. ولذلك يشكل القرن السادس عشر الميلادي محور اهتمام الباحثين في عمارة مدينة فلورنسا. وبالرغم من هذا الازدهار فقد تدهورت حالة المدينة وتطورها العمراني مع بداية القرن السابع عشر الميلادي وذلك لارتباط مدنية المدينة بحالتها الاقتصادية التي تداعت آنذاك. وبالرغم من ذلك لم تفقد المدينة أهميتها عالمياً فيما بعد للزخم المعماري والحضري الذي صبه بها معماريو القرن السادس عشر. أما الأنماط المعمارية التي نمت بها فتراوحت بين الباروك والروكوكو وكذلك الكلاسيكية الجديدة. وقد عمل على تكريس هذه الأنماط المعمارية وسيادتها وإن كان بدرجات متفاوته الدوقات الذين تعاقبوا على حكم المدينة والذين أثروا لحد بعيد في تشكيل المدينة الفيزيائي الحسي وتخطيطها. وبالرغم من العصور التي تعاقبت على المدينة والتغييرات التي شهدها تخطيطها إلا أن قلب المدينة لا يزال روماني الطابع عمرانياً وتخطيطياً حيث تتبع شوارعها التخطيط المتعامد المتقاطع.ويظهر بها الشارعان الرومانيان المعروفان the Cardo والذي يجري شمال جنوي. والآخر هو Decumanus والذي يجري شرق غرب، وعلى تقاطع الشارعين يقع Forum أو الساحة الرومانية المعروفة، وهي مركز الحياة المدنية والاقتصادية التي شاعت في المدن الرومانية. وبالإضافة إلى تميز التخطيط بها فتحتوي المدينة الكاثدرائية الشهيرة بقبتها البصلية الشكل والتي تعد أحد المعالم المميزة بها، وحين أصبحت المدينة عاصمة لإيطاليا لفترة قصيرة في الأعوام الخمسة من 1865 1870م وهذا أثر كثيراً على عمارة المدينة من ناحية إيجابية. وتتميزالعمارة فيها بتلك الفترة بحجمها الضخم وبرسميتها وكذلك بنمطها الذي ينتمي إلى Neoclassical. وبهذا تعد مدينة فلورنسا ليس فقط مدينة إيطالية بل هي مدينة تحوي الكثير من التاريخ المعماري وتعد بذلك مصدراً مهما لدراسة العمارة في العصور الوسطى بأوروبا وبتاريخ العمارة بشكل عام.