تتهادى الناس في رمضان... التَّمر... والطعام...، والتحايا والسلام... ربَّما يعرف الجار جاره... وربَّما يسأل القريب عن قريبه... وربَّما يصل البعيد...، ويقرب البعيد... كلُّ ذلك لمرضاة اللِّه تعالى... فكيف لو تهادى الناس أخطاءهم، وتبصَّروا في زلاَّتهم...؟ يتعرَّف الإنسان ما فعل... ويستعيد ما تصَّرف... ويقرِّب إليه زلاَّته كي يحصيها أو يعدُّها... ويبسط بين يديْ نفسه ما اقترف بحقها... قاصداً متعمِّداً... أو ساهياً، غافلاً...، أو جاهلاً، أو حتى في لحظة ضعف أو غفلة؟ لماذا لا يفعل الإنسان وهو يدرك أنَّه خطَّاء، وأنَّه ضعيف، وأنَّه فقير لرحمة اللَّه تعالى بمثل ما هو بشر لا يكمل أمره، ولا يتمَّ عمله؟ هل الإنسان وهو يفعل مع الآخر من السؤال والتقرُّب والتوَّدد والتَّناصح يفعل ذلك لشعوره أنَّ هذا الشهر هو فسحة المغفرة، وفرصة التوبة، ومناسبة الكسب؟ فكيف لو علم من نفسه الحاجة الماسة إلى أن ينهل من هذه الفسحة أبعادها ومن هذه الفرصة لحظاتها، ومن هذه المناسبة مكاسبها كي يرتقي فوق زلاَّته برحمة اللِّه تعالى، ويقفز فوق أخطائه بمغفرته سبحانه، وينأي عن كلِّ ما فعل بتوبةٍ إليه وهو خير التوابين، وأعظم الغفارين، وأرحم المتجاوزين؟ فتهادوا أخطاءكم وزلاَّتكم، وأقربوا من أفعالكم، وابسطوا بين يديْ نفوسكم زلاَّتكم وقصوركم وذنوبكم وآثامكم... واحملوا عليها توبة وتبتلاً ولجوءاً إليه تعالى... فليس من بشر لم يخطىء... وليس من بشر لم يضعف وليس من بشر لم يُبتل وليس من بشر لم يُفتن... مع تفاوت الأخطاء، واختلاف أنماط الضعف، وتنوع الابتلاء، وتلوُّن الفتن... ولأنَّ البشر كلُّهم خطاؤون... فليكن لهم من هذا الشهر فرصة «التهادي» لأخطائكم... فمن لم يهد نفسه أخطاءها... فاللَّهم قيِّض له من يُعينه على التوبة منها... فاللِّهم... ما كان لنا من خطأ اقترفناه عن عمد أو سهو... وما كان لنا من الذنب أُبتلينا به بضعف منَّا أو استكراه عليه من سوانا... وما كان فينا من القصور الذي لا نملك له حيلة إلاَّ بك وما اعترضنا ووقعنا فيه من الفتن.. صغيرها أو كبيرها، ظاهرة أو باطنة فُرادى فيها أو يشاركنا غيرنا... أغفره لنا يارب، وارفعه عنَّا، وأطوِ صفحاته برحمتك وقد تجاوزت وصفحت بكريم عفوك، وغفرت بواسع رحمتك واشهد اللِّهَّم... أنَّا قد تهادينا أخطاءنا، وتذاكرنا ذنوبنا، واستعرضنا نواقصنا في لحظات ضعفنا فاللِّهم اشهد أنَّا تائبون إليك، راجون رحمتك، طامعون في مغفرتك... فتفضَّل بما أنت أهل له من الرحمة والعفو والغفران على من هو تحت رحمتك وعند حسن الظَّن بك يارب...