يعد قصر العظم الذي يقع بالمنطقة القديمة من دمشق واحداً من روائع العمارة في القرن الثامن عشر في منطقة الشرق الأوسط. ويحتل القصر القديم موقعه في المنطقة التاريخية حيث يسود التخطيط العمراني المتعرج للشوارع موليا ظهره للمباني المحيطه به بتخطيطه الذي يعتمد الفناء الداخلي. ويحتوي القصر على ثلاثة أفنية تختلف في أحجامها، وأكبرها الفناء الذي تحيط به منطقة الحرملك أو المنطقة الخاصة بالعائلة. ويقع في جزء آخر من القصر منطقة السلاملك أو منطقة الرجال واستقبال الضيوف وتحيط بفناء أصغر من السابق بنصف الحجم تقريبا. أما الفناء الثالث الذي يقع بالجزء الشمالي من القصر وتحيط به الخدمات كالمطبخ والمخازن. وقد بني القصر من قبل البناءين المحليين الذين كانوا مهرة وذوي دراية بفنون المعمار المحلية، واستخدمت في بنائه الحجارة من الموقع المحيط ومن أماكن مختلفة من مدينة دمشق القديمة. ومن أبرز ما يميز القصر من ناحية فنية معمارية احتواؤه على الحجارة بألوان متعددة وبحيث تم تشكيلها بطرق فنية ضمن خطوط أفقية بطريقة تعرف «بالأبلق» بحيث يتم تعاقب الألوان ضمن المداميك أو الخطوط الأفقية على طول الواجهات المعمارية. وقد احتل القصر من قبل الحكومة الفرنسية في العام 1922م. وفي العام 1925م قام المعماري ميشيل اكوشارد بترميمه على إثر الثورة التي دمرت أجزاء منه. وجرت أعمال الترميم للقصر الذي تهدمت أجزاء منه خلال الأعوام 1946م، والعام 1954م، حيث أعيد افتتاح القصر للعامة كمتحف. وقد تبنت منذ العام 1951 الحكومة السورية أعمال الترميم والحفاظ التي جرت على القصر كمعلم تاريخي مهم، وأوكلت أعمال الترميم من قبل الحكومة إلى شفيق الإمام الذي عين كقيم للمتحف وليشرف على أعمال الحفاظ المعماري. وتمت أعمال الحفاظ لمنطقة السلاملك أو الاستقبال بالقصر مع مطلع الستينيات واستمرت لمنتصف الثمانينيات. وقد تمت إعادة بناء الأجزاء المتهدمة من القصر باستعمال الخرسانة المسلحة التي غطيت بطبقة من الحجر. ومن الجدير ذكره ان أعمال الترميم والحفاظ المعمارية لا تتبع تماما التخطيط السابق للقصر وانما قد تمت عملية تحويرها عن الأصل لتناسب الوظيفة الجديدة للقصر كمتحف، وذلك بإضافة مجموعات جديدة من الأدراج في بعض الأماكن وغيرها من الخدمات التي تناسب الوظيفة الجديدة، بالاضافة إلى تحديث البنية التحتية لكامل القصر وهي من أبرز العقبات التي تواجه عمليات التطوير والحفاظ المعماري والتي تتطلب إدخال عناصر التكنولوجيا للمباني التراثية وبطريقة حساسة وبحيث لا تؤثر على القيمة المعمارية للمبنى أو تؤثر على النظام الانشائي القديم أو أعمال التكسيات أو التبليط والتي غالبا ما تكون ذات قيمة فنية وجمالية عالية. وقد حاز العمل المعماري في هذا القصر على جائزة الآغاخان للعمارة الاسلامية في دورتها للعام 1983م، وذلك لبراعة العمل في التعامل مع الأجزاء المتهدمة من القصر ببراعة ودقة، وبشكل لم يؤثر على القيمة المعمارية، بل بطريقة تعيد إثراء الحوار بين الهوية الثقافية للقصر وبشكل يضمن تواصل هذه الهوية الثقافية زمانياً.