«السمبوسة» تلك الأكلة اللذيذة التي لا يخلو منها منزل في شهر رمضان المبارك والتي يتناولها الصائمون بلهفة جامحة مع صحن الحساء، والتي بدأت النساء يتقن في طرق حشوها وتنوع مذاقها، منهن من تحشيها باللحم والبصل والبقدونس، والجبنة البيضاء مع البقدونس والبيض، كذلك بالبطاطا مع البيض والبهارات، ومع الدجاج المسلوق والكزبرة والبهارات، ومهما كانت نوع الحشوة فإن طبق السمبوسة هو المفضل على المائدة الرمضانية. والسمبوسة ليس وليدة العهد ولكنها قديمة قدم الزمان والجميع يقول إنها أكلة فارسية تسمى (سنبوسق) بينما العرب سموها سمبوسة، وقد ورد هذا المصطلح في المعاجم الفارسية منهم (معجم الالفاظ الفارسية المعربة) ومعناها (سنبوسق) أي الفطيرة المثلثة تعمل في رقائق العجين مع السمن وتحشى باللحم والجوز وغيره من المكسرات، وقد قرأت طرائف عن السمبوسك وكيفية عملها حيث وصفها المسعودي في كتاب (روج الذهب ومعادن الجوهرة) للشاعر اسحق الموصلي حيث قال مغنيا ومترنماً: يا سائلي عن أطيب الطعام سألت عنه أبعد الأنام أعمد الى اللحم اللطيف الاحمر خدمة بالشحم غير مكثر واطرح عليه بصلا مدوراً وكرنبا رطبا طيبا أخضرا وألق السذاب بعده موفرا ودار صيني وكف كزيرا وبعده شيء من القرنفل وزنجبيل صالح وفلفل وكف كمون وشيء من حري وملء كفين بملح تدمر فذقه يا سيدي شديدا ثم أوقد النار له وقودا واجعله في القدر وصب الماء من فوقه واجعل له غطاء حتى إذا الماء فني وقلا ونشعنة النار عنه كلا فلفه ان شئت في رقائق ثم احكم الاطراف بالالزاق أوشئت خذ جزءا من العجين معتدل التفريك مستلين فابسطه بالسويق مستديرا ثم اظفرن اطرافه تظفيرا وصب في الطابق زيتا طيبا ثم اقله بالزيت قليا عجبا وصفه في جام له لطيف ووسطه من خردل حريق وكله أكلا طيبا بخردل فهو ألذ المأكل المعجل وتلاحظ أن جداتنا وأمهاتنا يتفنن في صناعة عجينة السمبوسة حين يخلطنها بالماء الادفئ والبيض والخميرة وقليل من الملح والزيت ثم يتركنها لتخمر. وبعد ذلك يقطعنها دوائر صغيرة ويضفها على سطح م تو ثم يحشونها ويظفرن اطرافها ويحمرنها بالزيت. أما الان فأصبحت العجينة تباع في المخابز والمحلات ولم يعد لهار ذاك الطعم اللذيذ الذي كان عليه زمان وأصبحت السيدات يستسهلن شراءها وحشوها عوضا عن عجنها في المنزل ومع كل هذا التغير تبقى السمبوسة عروسة المائدة الرمضانية في كل زمان ومكان.