التراث هو ما يخلفه المرء بعد وفاته من إنتاج علمي أو أدبي ونحوه على هيئة كتب أو مقالات أو غيرها سواء كانت مقروءة أو مسموعة، فهي ثروة ثقافية يجب المحافظة عليها. لكن السؤال الذي يطرح: من الذي يملك حق التصرف في هذا التراث؟ المال أمره واضح بيّن الشرع أهله أوضح بيان، لكن ما يتعلق بهذا التراث العلمي من يعود الحق إليه أهو للأقارب من ورثة المال، أم للطلاب الملازمين والتلاميذ الذين هم أهل هذا التراث في حياة صاحبه أم هو حق مشاع لكل طالب علم أو باحث عن فائدة لا يجوز الحجر عليه؟ أسئلة كثيرة قد لا نجد لها جواباً واضحاً يزيل اللبس ويرفع الخلاف! أعتقد شخصياً أن هذا من الحقوق المشاعة مهما كانت درجة قرابتهم أو صلتهم بالفقيد لأن حصره في الورثة يقتضي أن يتصرف شخص أو أشخاص في تراث الأمة، والمصيبة إذا لم يكن هؤلاء أمناء على هذا التراث أو لم يعرفوا قدر العلم وأهميته، فيموت علم العالم بموته لأنه أصبح كسائر المتاع الذي يورث. ومن المعلوم أنه لا يجوز للعالم كتم علمه في حياته فمن باب أولى ألا يكتم هذا العلم بعد وفاته. لو جعل الأمر للورثة كالمال لأصبح لزاماً علينا أن نبحث عن ورثة العلماء السابقين والأئمة المحققين ليأذنوا بتراث مورثهم لطلاب العلم في تحقيقه وتقريبه ونشره. وهذا أمر لا يقول به أحد ولو كان كالمال لكان هو الواجب. بعض الورثة يسعى لنشر علم مورثه ومساعدة الباحثين وتيسير السبل لهم وتذليل الصعاب، وهذا بعض حق مورثه عليه وهو من نشر علمه ورفع ذكره ولا إشكال مع هذا الصنف ولا خصومة حول هذا التراث ومن أحق به لأن الهدف قد تحقق ولا يهم على يد من! لكن الإشكال يكون مع أولئك الذين جعلوا هذا التراث العلمي كسائر المتاع من الحجر عليه والتضييق على الباحثين والمحققين، بل ملاحقتهم ومنعهم من نشر هذا العلم على وجه صحيح يخدم وينفع صاحب العلم الذي هو بأمس الحاجة إلى نشر علمه. ولا اعتراض على التنسيق وتوحيد الجهود التي تصب أخيراً في المصلحة العامة وتساهم في نشر العلم. والله من وراء القصد * جامعة أم القرى مكةالمكرمة ص ب: 13663