شدد مختصون اقتصاديون في حديثهم ل«الجزيرة» على أن مؤشرات الميزانية للربع الأول من العام الجاري 2021 م، جاءت مبرهنة على كفاءة الإنفاق ونجاعة الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد السعودي، ومنها انخفاض العجز بنسبة 78% حيث بلغ 7.4 مليار ريال، إلى جانب ارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 39 % لتصل 88.1 مليار ريال. كفاءة الإنفاق والتحوط من التداعيات وقال الاقتصادي محمد العنقري: إن تقرير الميزانية عن الربع الأول يعكس تحسناً كبيراً بالموارد قياسا بأواخر العام الماضي 2020 ورغم انه منخفض قليلا عن نفس الفترة من العام الماضي لكن هناك ارتفاعا في الإيرادات غير النفطية بحوالي 39 بالمائة لتشكل 43 بالمائة من إجمالي الإيرادات واللافت أن العجز هو أقل من التوقعات، وهذا يشير الى ارتفاع كفاءة الإنفاق وأيضا التحوط من التداعيات الاقتصادية العالمية. وأضاف العنقري: صحيح أن هناك نموا اقتصاديا عالميا لكن جائحة كورونا لم تنته ولذلك كان الحذر من أي انتكاسة مفاجئة عالمياً ضرورة بالفترة السابقة من هذا العام، وحتى في هذا الربع الثاني الى أن يرتفع عدد من حصلوا على اللقاح مما يعطي مناعة مجتمعية عالمية حتى تنتهي المخاوف من أي عودة لتفشي المرض، وبالمقابل يسير الاقتصاد المحلي بخطوات جيدة نحو تحقيق نمو لهذا العام يشكل انطلاقة جديدة لتنمية مستدامة، كما أن نشر تقرير الميزانية ربعيا يعزز من الشفافية بالمعلومات عن الاقتصاد الوطني. بدوره قال الاقتصادي فضل البوعينين إن من المؤشرات المهمة في ميزانية الربع الأول انخفاض العجز بنسبة 78 % ليبلغ 7.4 مليار ريال وارتفاع الإيرادات غير النفطية بنسبة 39%، إلى 88.1 مليار ريال. وأشار إلى أن خفض العجز مؤشر إيجابي نحو تحقيق التوازن في الميزانية في الوقت الذي تدعم فيه الإيرادات غير النفطية الاستدامة في المالية العامة وتنوعها. ومن المهم الإشارة إلى خفض الإنفاق بنسبة 6% وهو أمر مهم لضبط الإنفاق بشكل عام. واختتم فضل البوعينين: الأكيد أن الإصلاحات المالية ساهمت بشكل فاعل في زيادة الإيرادات غير النفطية وضبط الإنفاق، وبما يسهم في تحقيق هدف توازن الميزانية، مشيرا الى أن خفض العجز لا يقل أهمية عن ضبط الدين العام وخفضه، برغم نسبته الحالية من الناتج المحلي، فلابد أن يكون هدف خفض الدين العام من الأولويات للحد من التحديات المستقبلية. التنوع الاقتصادي وقاعدة الاستدامة من جهته أكد الكاتب والمحلل الاقتصادي عبد الرحمن الجبيري بأن مؤشرات وأرقام الميزانية للربع الأول تعكس نجاح الخطط الإصلاحية في هيكلة الاقتصاد السعودي والتي أسهمت في تقليص العجز الى 7.4 مليار ريال، وهو ما أثمر عن نجاح مستهدفات رؤية المملكة 2030 بتعزيز قدرات الأداء في جانب الإيرادات غير النفطية بالرغم من تداعيات جائحة كورونا بالاستجابة السريعة والحازمة حيث بلغ إجمالي الإيرادات الفعلية للربع الأول 204.8 مليار ريال، بارتفاع نسبته نحو 7 % مقارنة بالربع الأول 2020. وبلغت الإيرادات النفطية في الربع الأول 116.6 مليار ريال، بينما بلغت الإيرادات غير النفطية 88.2 مليار ريال. وتابع الجبيري: من هنا يأتي التنوع في الاقتصاد الكلي السعودي مبنياً على قاعدة الاستدامة ومواجهة التحديات وهو ما أسهم في التأسيس لركائز متينة، لقد شهدت القطاعات الاقتصادية نمواً جذرياً ذلك لأن لكل قطاع حراكاً منظماً واستراتيجيات مترابطة بمنظومة تعمل بشكل تفاعلي وبآليات المراجعة المستمرة والتقييم الدوري وهو ما يقرب الفجوة نحو إجراء التعديل المطلوب في الوقت المطلوب بدقة اداء عالية فخلق بعد إذْ العديد من الفرص الواعدة وأحدث نقلة نوعية في البنى التحتية والمشاريع التنموية في حين ان القطار التنموي يسير بوتيرة متسارعة. وأضاف الجبيري: مثّل القطاع الصناعي بكافة مكوناته احد ابرز عوائد القيمة المضافة لهذا التنوع الذي سانده أداء القطاع الخاص وهو ما عزز أيضا من الحضور المحلي والعالمي للمنتجات السعودية التي شهدت تنافسية ودعم وكفاءة غير مسبوقة وبات أمامها الطريق ممهداً للكثير من الأداء في جانب تقوية الصادرات السعودية، التكيّف الاقتصادي اظهر أيضا إمكانات اكثر مرونة لتحقيق فاعلية في قوة وجاذبية الاستثمار وتعظيم المحتوى المحلي. واختتم بالقول: لقد نجح الاقتصاد السعودي في إدارة آثار الجائحة بفضل الجهود المبذولة لإرساء هيكل قوي للحوكمة والتعاون بين الوزارات والهيئات، واتساع نطاق التحول الرقمي على صعيد الخدمات الحكومية والمالية، لافتا الى الدور الفاعل لوزارة المالية الى مواصلة تطوير إطار سياسة المالية العامة. ويعد تشكيل لجنة رفيعة المستوى لإدارة الأصول والخصوم السيادية خطوة مهمة نحو وضع إطار متسق لتقييم وإدارة المخاطر والعوائد في الميزانية العمومية للقطاع العام.