لم أكن أودّ في رمضان الانشغال بغير القرآن، وعلومه: ترتيلاً، وتدبراً، وفهمًا. القرآن لي جامعة لغوية ونحوية، واشتقاق، وجماليات: بلاغية. إنه ربيع القلوب، وجلاء الهموم، ونور البصائر. ولكن البريد يحمل بين الحين. والآخر أجمل الهدايا، وأغلاها، وخير الجلساء (الكتب) ثم زاويتى التي منحني إياها الإخوة في جريدة الجزيرة، لا أريد التخلّي عنهم، ولا التفريط بها. كل ذلك حملني على مواصلة الكتابة. تلقيت من طلاب الأمس وزملاء اليوم وأساتذته، إهداءهم الثمين مختارات من دراسات الترقية، الراقية مهداة لأستاذهم الزميل والصديق، والأستاذ بحق/ عز الدين المجدوب أستاذ اللغويات، والجماليات البلاغية. الكتاب يحمل عنوانًا مركبًا من عناوين البحوث. سبعة بحوث لغوية جمالية في مستوى يليق بالمكرم، طلاب أوفياء عرفوا قدر أستاذ الجميع. لقد كانت لي معه صولات وجولات في أماكن عدة، وفي قاعة المحاضرين، لقد استفدت منه بحيث أغراني بالتوسع في علم اللغويات الحديث. كان يميل إلى اللغويات الحديثة في الغرب، وكنت أميل إلى اللغويات التراثية، بل كنت أثق بتراثنا، وأقطع بأنه أمد الغرب بالكثير من الفرضيات التي تحولت عندهم إلى نظريات. لقد أغرق اللغويون العرب بالإغراب وتعمدوا الغموض، والترميز اللغوي، فالعناوين رموز لغوية تحتاج إلى قدرة تفكيكية، تمكن المتلقي من الوصول إلى المقاصد، واستكناه الدلالات. يقع الكتاب المهدى في أربعمائة، وأربع وستين صفحة من القطع المتوسط، وكلها بحوث ترقية محكمة ربما أنه كان من المحكمين فيها. أهمية هذا الكتاب مرتبطة بأهمية اللغويات الحديثة التي أشاعها أستاذنا المجدوب في قسم الأدب بالجامعة مع إلمام متميز باللغويات التراثية، وتوسط بين المستجد، والموروث، لم يكن مستفزًا، ولا متعصباً، بث رؤيته اللغوية بهدوء، وتوازن. ولمّا يزل. الكتاب متين والإيغال فيه يتطلب قوةً، وفراغًا، وأجواء رمضان لا مزيد عليها. قد أعود إليه بعد رمضان لمغالبة معضله. شكر الله للباحثين صلاح الدين، الميلاد، إبراهيم اللاحم، غلفان، العذاري، علي السعود، الميغري، معاذ الدخيل، والغزي.