من دول ولغات مُختلفة وبعيداً عن الاختيارات النقدية السينمائية الصارمة، اختاروا أذواقهم السينمائية التي أحبوها وأثَّرت في حياتهم، كما أنهم ليسوا بأكاديميين أو ينتمون لفئة ثقافية نخبوية معينة؛ بل من سكان هذا العالم، اختيروا عشوائيا ليعبروا عن أفلامهم المُفضلة، تمنيت لو أن القائمة تتسع للكثير الذين طلبتُ منهم المشاركة لكن آثار جائحة كورونا ألقت بظلالها؛ لتنشغل بهم مصاعب الحياة ويعتذروا عن المشاركة وفق الميعاد الزمني الذي حُدد لهم... فإليكم تلكم الأذواق: دانييل كولجين من هولندا: كل الأشياء ليست بالأبيض والأسود أحد أفضل الأفلام الهولندية التي تحضر في بالي هو: «Soldaat van Oranje» أو: «الجندي البرتقالي» أنصح الجميع بمشاهدته، إنه فيلم رائع من إخراج بول فيرهويفن المعروف بإخراجه لفيلم: «غريزة أساسية». الفيلم يتحدث عن الاحتلال الألماني لهولندا خلال الحرب العالمية الثانية وتأثير ذلك الاحتلال على مجموعة أصدقاء يدرسون في جامعة لايدن. تلك المجموعة انقسمت فالبعض ظلّ غير آبه بالحرب متجاهلاً مجرياتها، والبعض تعاون مع قوات الاحتلال، بينما بعضهم انضم للمقاومة. القصة تحكي إيريك لانشوف الذي انضم للمقاومة بالرغم من ذلك ظلّ على اتصال مع أصدقائه في الجامعة طوال فترة الحرب. لن أُخبرك بنهاية الفيلم لكنه يستحق المشاهدة لعدة أسباب: لأن فيه الحب و الإثارة والفكاهة و الكثير من الدراما، ويعلمنا أشياء كثيرة عن الصداقة والوفاء. الفيلم يتطابق مع سيرة إريك هزيلهوف رويلفزيما الذي أصبح مقاوماً ثم طياراً مقاتلاً ثم مساعدًا لفيلهلمينا ملكة هولندا. لا يزال في ذاكرتي لأن فيه العديد من المشاهد الرائعة، أعني أن الممثلين فهموا جيداً أدوارهم وقدموها بإتقان. أحببت الفيلم لأنه يعرض ويقدم فهما للشجاعة من خلال الخيارات المنقسمة لتلك المجموعة. الفيلم لم يُغيّر بالضرورة نظرتي للحياة، لكنه جعلني أُدرك أن الأشياء كلها ليست بالأبيض و الأسود، فالحياة لديها أوجه متعددة وأي موقف صغير يُمكن أن يُغيّر نظرتك ويبدل حالتك والأمر يعتمد على شخصيتك القوية للتعامل مع هذا الأمر. كلينتون كليتشي من كينيا: يلمسُ واقع حياتنا اليومية فيلمي المُفضّل: «Nairobi Half Life» أو: «نيروبي نصف حياة» يحكي سيرة ممثل طموح من كينيا يحلم بأن يكون ناجحاً؛ لأجل ذلك شقّ طريقه إلى مدينة الفرص: نيروبي. هذا الفيلم علق بذاكرتي لجودة الإنتاج، سرد القصة المُتقن، و الأداء العالي المذهل من قبل الممثلين الذين أدوا بإتقان ليضمنوا نجاح الفيلم. أيضاً لأن معظمنا بما فيهم أنا يمكن أن يرتبط به لأنه يلمس واقع حياتنا اليومية الاعتيادية. ربطت الأمر مع كفاح أن تكون ممثلاً والرغبة في الانضمام للجريمة لكي تكون صاحب شأن أكبر. أحببت ذلك الفيلم لأنه الأكثر نجاحاً. تماماً مثل شخصية (مواس) لقد عانيت في نيروبي، مشرداً لوقت طويل، حاولت أن أُمثّل لكنني لم أفلح، بعتُ الملابس كأول نشاط لي، وتعرضت للخداع أثناء ذهابي للمدرسة، و لمضايقات من قبل الشرطة ... إلخ. بلا شك أن ذلك الفيلم غيّر نظرتي للحياة، بغض النظر عن كونه فيه أحداث متشابهة لما حصل معي؛ لكن في نهاية الأمر ثمة ضوء في نهاية النفق. كل التحديات التي واجهت أعدّتني لما منحتني الحياة في وقت لاحق. أحترم وأثقُ في رحلتي مع الحياة ودائماً ليس هناك خسائر في الحياة، بل دروس وعبر. جوليا من إيطاليا: ساعدني على إيجاد سرد مختلف لتلك السنوات المُروّعة فيلمي المُفضَّل باللغة الإيطالية: (La vita è bella) أو: «الحياة جميلة»، ذلك الفيلم شاهدته عدّة مرات ولا يمكنُ أن أنساه؛ لأنه يتحدث عن موضوع مُعقّد بطريقة سهلة نسبياً. تدور أحداثه في إيطالياوألمانيا أثناء الحرب العالمية الثانية كما يتحدث عن أب يهودي يستخدم الفكاهة؛ ليحمي ابنه من وقائع الحرب المُروِّعة وحتى عندما نُقل كل أفراد عائلته إلى معسكرات الموت النازية. ذلك الفيلم ساعدني على إيجاد سرد مختلف لتلك السنوات المُروّعة والقاسية ويذكرني بمدى أهمية تذكُّر الأحداث التاريخية و الحديث عنها حتى للأطفال. نيلس ديوريان من ألمانيا: فيلم فيه إشارات لأحداث حقيقية فيلم: «Die Welle» أو (الموجة) فيلم فيه إشارات لأحداث حقيقية. معلم يقضي تجربة مع طلاب فصله في إحدى المدارس يكون في تلكم التجربة: القوة والانضباط والانقياد. الهدف من تلكم التجربة عرض سرعة سيطرة الفاشية. الفيلم أتذكره جيداً لأن المعلم يحذّر طلابه مما حصل في الماضي وأن نتيجة تطور الحركات الديكتاتورية لها عواقب وخيمة. بالنسبة لي كنت قادراً على استنتاج المخاطر التي يمكن أن تحدث من هذه الاتجاهات الديكتاتورية ويمكن مقارنتها بالديكتاتوريات التي كانت قائمة فعلياً مثل النظام النازي في وقت مضى أو النظام الحالي لكيم جونج أون في كوريا الشمالية. أحببتُ ذلك الفيلم؛ لأنه يمكنك أن تستنتج مآلات بعيدة المدى وبشكل لا يصدق من تلك التجربة الحيَّة في الفصل مثل: وضع الطلاب في الفصل، بعد ذلك سيطرة الفاشية وتمددها عن غير قصد على الحياة اليومية للطلاب نتيجة تلك التجربة. هذا الفيلم لا يحوي قصة طريفة؛ لكن طريقة سرد القصة مثيرة للإعجاب؛ لذا أحب هذا الفيلم كثيراً ولا يمكنني أنساه. أنتونين شو من فرنسا: جمال خلّاب، وفئة من البُلهاء ليس فيلماً فرنسياً؛ لكن تدور أحداثه في باريس، إنه أحد أفلامي المفضّلة؛ لأن فيه تجتمع عدة أشياء: الحقبة الزمنية التي أحب، الموسيقى لاسيما الجاز، ولأنه بكل تأكيد عن باريس، ولأن فيه طاقم الممثلين الكبار: سيدني بواتييه، بول نيومان، جوان وودوارد، سيرج ريجياني، والضيف عازف الجيتار لويس أرمسترونج و دوك إلينجتون. جمال خلّاب، و فئة من البلهاء، مع تصوير ليالي باريس الحالمة اللذيذة بالأبيض والأسود. ما أحببته في ذلك الفيلم أنه يتعامل مع الشخصيات بالأبيض و الأسود بطريقة متساوية، أنصح بمشاهدته. ماركو جارّيدو من إسبانيا: يقدّم فصلاً درامياً من التاريخ الإسباني «Mientras Dure la Guerra» أو: «أثناء الحرب»: «فيلم إسباني من إخراج (إليخاندرو آمينابار)، عُرض عام 2019م. الفيلم يحكي وقائع الحرب الأهلية الإسبانية (1936م - 1939م) كما رآها الكاتب والفيلسوف الإسباني ميجيل دي أونامونو الذي كان رئيساً لجامعة سلامنكا في ذلك الوقت. في البداية انضم أونامونو إلى جانب الجمهوريين، لكن في النهاية دعم انقلاب القوميين الإسبان الذين ثاروا ضد النظام الجمهوري الديموقراطي، ونظراً للقمع العنيف شرع أونامونو بنقد الانقلاب معرّضاً حياته للخطر. الفيلم يسرد من خلال شخصية أونامونو دراما البلد المُنقسم والمواجهات العنيفة التي استمرت لسنوات من قبل الأشخاص الذين انتموا لأطراف مُختلفة. أحببتُ ذلك الفيلم لأنه يقدم فصلاً درامياً من التاريخ الإسباني من وجهات نظر آيدلوجية متعددة؛ لذا يمكن أن تجذب أطرافاً متعددة من دون أن تكون أسيراً لوجهات نظر ضيقة الأفق.