الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المشاري أول طبيب من منطقة حائل واستشاري أمراض النساء والولادة. عرفته صديقًا مخلصًا وجارًا عزيزًا ورفيق سفر وشريكًا في بناء أول منزلين بنيناهما معًا بمساعدة بنك التنمية العقاري. هذه الاعتبارات مجتمعة جعلتني أبتهج بشكل مختلف عن بقية أصدقائه وذويه عندما تناقلت بعض وسائل الاتصال الاجتماعي على استحياء نبأ تكريمه من معالي وزير الصحة. أخذ التكريم شكل إطلاق اسم الدكتور على قاعة في مركز التجمع الصحي في عاصمة الشمال حائل. الدكتور عبدالعزيز كما وصفت علاقتي به مثل رائع على مكارم الأخلاق من وفاء وإخلاص وكرم وحب جارف لوطنه وتمسك بعقيدة مهنية، تدعو للاحترام والإعجاب. يستحق أن نكرمه من خلال سيرته الحافلة، ومن ذلك: 1 - في كلية الطب والمستشفيات الجامعية بجامعة الملك سعود: عند رئاسته قسم النساء والولادة: عند رئاسته لهذا القسم في نهايات السبعينيات وبداية الثمانينيات كان عدد أعضاء هيئة التدريس متواضعًا من حيث النوعية والعدد، وتم خلال فترة وجيزة من توليه رئاسة القسم استقطاب أعداد جديدة من حيث الكفاءة والنوعية. وتم خلال تلك الفترة ابتعاث العديد من خريجي كلية الطب إلى الخارج للتخصص في مجالات عدة، من أهمها طب النساء والولادة. وخلال رئاسته القسم انضمت المملكة إلى زمالة البورد العربي، وكان للدكتور عبدالعزيز دور رئيسي في إلحاق عدد من خريجي قسم النساء والولادة بزمالة البورد العربي. 2 - عمادة كلية الطب ثم عمادة كلية العلوم الطبية التطبيقية: في كلية الطب كان إسهامه المتميز هو تشجيع هيئة التدريس على البحث العلمي الأمر الذي ساهم في تميز الكلية على المستوى الإقليمي والعالمي. إن العمل الرائد الذي يرتبط باسم البروفيسور عبدالعزيز هو دوره المتميز عندما تولى عمادة الكلية التطبيقية فقد كان هاجسه الرئيسي هو تحقيق هدف طالما نادينا به وتمنيناه، وهو «تحسين مخرجات التعليم لتنسجم مع التوجهات الحديثة، وتتواءم مع احتياجات التنمية وسوق العمل»، وكأنه بهذا يستبق أحد أهم أهداف رؤية 2030. - نقل الكلية إلى مبنى جديد يليق بها وبما تحتاج إليه من مرافق. - استحدث أقسامًا جديدة عدة، هي: الأشعة، النطق والسمع، التغذية، العلاج الطبيعي، صحة الأسنان، صحة المجتمع، المختبرات. هذا بعد أن كانت الكلية قائمة على تخصص واحد، هو التمريض. إن ما قام به لتأهيل هذه الكلية يجعله بحق الأب المؤسس لها؛ إذ تجلت خلال رئاسته مقدرته الإدارية الكامنة، فإلى جانب هذا التوسع في مناهج الكلية عمل ما بوسعه لاستقطاب عدد من المدرسين من أنحاء العالم كافة، وكان يقوم بمعظم المقابلات الشخصية حرصًا منه على سمعة هذا الصرح الطبي الوليد. إنني أتمنى أن تقوم عمادة الكلية الحالية بتكريم الدكتور بشكل رمزي في مبناها؛ ففي ذلك كل العبرة والدرس لكل منسوبي الكلية. ليسمح لي رئيس التحرير بالانتقال إلى الجزء الثاني من هذا المقال كما هو واضح من العنوان. هل نحن على مقربة من ثقافة التكريم؟ أليس في الرؤية ما يبشر بتكريم العاملين المخلصين وهم أحياء يُرزقون؟ لقد أنعم الله على هذه الأمة بملك ساهم في نهضتها منذ نعومة أظفاره، وسخر الله له يده اليمني ولي عهده القوي الأمين سمو الأمير محمد. لقد كنا في الماضي نبحث في ثنايا التاريخ عن خطط الآخرين، وكيف أنها نجحت هناك وتعثرت هنا فقدموا لنا خطة عمل جديدة أصبحنا من خلالها نصنع التاريخ، أصبحنا روادًا في قضايا البيئة والاقتصاد الدائري، والطاقة المتجددة، والشراكة بين القطاع العام والخاص، وتمكين المرأة والنهضة السياحية وبرامج نيوم، وتوفير السعادة للمواطن. إن في ثنايا الرؤية ما يؤكد اعتماد ثقافة الأداء بما يعزز المساءلة والشفافية. إن تكريم المخلصين استنادًا إلى ما قدموه من عمل جليل أثناء وجودهم على رأس العمل - والدكتور المشاري مثل على ذلك - لهو نوع من أنواع قياس الأداء وما يتبعه من ثواب أو عتاب. يقول رائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في أول سطر من رؤيتنا 2030: «.. هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على الأصعدة كافة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك». إن مسؤولية تحقيق أهداف الرؤية هي مسؤولية جماعية كما قال الملك. إنني لا أشك في أن من يساهم في تحقيق الأهداف النبيلة للرؤية سينال نصيبه من الثواب والتكريم وهو حي يرزق. وصدق الله العظيم ومن أصدق منه قيلاً وهو القائل: وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ . ومعنى رؤية الخالق لأفعال عباده متروك لاجتهاد المفسرين. أما رؤية المؤمن لأعمال أخيه المؤمن فهي ما يصبو إليه هذا المقال.