عسيلة بنت دخيل الله الغشّام.. - غفر الله لها - الجميلة (رحلتْ).. آسرة القلوب.. انتقلت نحو الآخرة تكمل رحلتها إلى الحياة التامة.. نرجو لها ولكل موتى المسلمين المستقدمين والمتأخرين النعيم الدائم الذي لا ينقطع.. هي الغالية على الجميع الأقارب والأباعد خاصة على عائلتَي الفهاد والغشّام.. كلماتها يفرح لها الصغار وينصت إليها الكبار.. لا أعرف.. ولا أريد! أول ليلة من رمضان لهذا العام 1442 طافت في خاطري ذكرياتي مع هذه المرأة العظيمة.. مؤكد أنّ خاطر أولادها أيضاً من أكبرهم (فهاد / سارة) إلى أصغرهم (مريم / أحمد) لاح في خلدهم المنكسر طيف من الذكريات لوالدتهم العزيزة صاحبة العزيمة.. (سجادةٌ، مصحفٌ، حلوى) هؤلاء رفاق دربها.. كنا صغاراً نسابق خطوات أمي - يرعاها الله وأطال عمرها وكل الأمهات الرائعات على أحسن حال -. نسابق أمي، مَن أول طفل يحصل على قطعة يلوكها أمام الآخرين؟! بفخرٍ وأحياناً بمشاكسة الصغار نقول: هذه حلوى من يد خالتي عسيلة! يدٌ (تمنح) ولسانٌ (يمدح).. ما فتحت فاهها إلا بالدعوات الطيبات التي لا تنقطع.. نأتي من الرياض، فيدخل هؤلاء الصغار مدينة حائل، ثم في القلب الواسع (لأم فهاد) يسكنون! حين كانت في حي (المطار).. الجميع يطيرون نحوها بشوق.. تمازح الصغار وتشاركهم الإنشاد وتترنم معهم.. لا تفتأ تُمازح هذا، تضحك مع هذه، تسأل هذا عن أولاده، وتسأل هذه عن صحة عملية ابنتها.. وداخلها أوجاع لا تخبره به إلا خالقها الكريم أو بعد إلحاح شديد من أولادها.. كما كان يفعل الابن أبو عمر الذي ضرب مثلاً سامقاً في وجوه البر.. لا يفارق ظله ظلها! كانت غاليتي.. تذهب إلى حلقات التحفيظ القريبة من منزلها.. فإذا وهن عظمها وضعف بصرها آثرت تكمل وردها القرآني في بيتها.. كما وصفت ذلك إحدى بناتها الكريمات أ. مريم. تقرأ ما تيسر، ولقد تيسر لها - بفضل الله - ألوان الطيف الجميل في حياتها.. ورأت بركة كلام ربها في نفسها وذريتها ومع أسبابٍ أخرى.. التسعون عاماً ناهزتها رأت فيها أحفادها وبقي لها الكثير من عقلها -بحفظ الله- وإِنْ دب على جسدها التعب والنصب.. أسلم على يديها خادمتان -بفضل الله- وموقف أثر في نفوس بناتها حين كشفت إحدى العاملات التي تتعاهد أهل البيت بموقفٍ مشهود يوم العزاء.. (والدتكم طلبت دخولي الغرفة دون أن ينتبه منكم أحد ثم أشارت إلى الدولاب.. يا بنتي.. هل ينقصكِ شيء!) هذا هو (شهْدُنا!) - بفضل الله وحده - كأني أراكم أبناء وبنات خالتي الغالين.. قد التفت الأسرة الكريمة حول مائدة الإفطار.. كل شيء بحمد الله تعالى يفيض (بالمشاعر)، إلا الوجوه! فتلتفت إلى ذاك المكان (الشاغر)..! غاب (شهْدُنا).. ولكنّ (المشهد) لم يغبِ! أ. أحمد أبو بسّام ابنها البار المميز وكلهم أولاد بررة.. مشهد عالق في ذهني لن يرحل.. زائر أعطاه البطاقة التي توضع على النعش فيها اسم خالتي.. (سكت) كل شيء.. فإذا الوجع (ينطق!). الوقورة الجميلة أم فهاد.. الملتقى الفردوس الأعلى من الجنة.. العزاء لكم جمعياً الأبناء والبنات وكل أحبابها.. وهي كلمات مواساة إلى رفيقَي دربها في مراتع الصبا، وقسيمي فؤادها بملاعب الطفولة، ونصيفي روحها أوقات الفرح والحزن. شقيقتها الغالية: أمي وخالي الغالي: عيسى.. أيها الناس: عسيلة.. (رحلتْ)! ** ** - فهد الضويحي