قضى العزيز الغالي العم عبدالله بن سليمان بن حمد الربدي نحبه إلى رحمة الله يوم الأربعاء الحادي عشر من شهر شعبان 1442 الموافق 24-3-2021. فإلى جنة الخلد يا صاحب القلب التقي النقي محب القرآن تلاوة وحفظًا. إلى جنة الخلد مع قدوم شهر رمضان المبارك وقد كانت السعادة تعلو وجهك، والفرحة تفيض بها روحك قبل أن تنتقل إلى رحمة الله. وقد كنت تعدد باقي الأيام أمام أبنائك وبناتك وزوارك ومحبيك، وتقول إنه قرب موعد السفر إلى مكةالمكرمة فقد كانت عادته -رحمه الله- منذ زمن طويل يقضي شهر رمضان المبارك بجوار الكعبة المشرفة قائمًا يصلي آناء الليل وأطراف النهار وسائر العبادات بين سعي وطواف وصلاة وصيام وتصدق وقراءة للقرآن الكريم، كان يملأ أركان نفسه طيلة الشهر بنسمات البيت العظيم. أدعو الله أن يبعثك صائمًا في يوم كرب عظيم. والدعوات لك مع مطلع كل شمس ويوم ما لاحت على الدنيا ثرى. إخواني وأخواتي أبناء الغالي، عليكم بالصبر والدعاء، وقد أصابني من الحزن ما أصابكم. سيرة ومسيرة العم عبدالله بن سليمان الربدي -رحمه الله- سيرة قلب تقي نقي محب للخير، من أبرز رجالات أسرة الربدي لما حظي به من مزايا عقلية وأخلاقية وكرم يد وجمال روح وعلو همة تطلب المعاني المقربة إلى الله -عز وجل-. نال أرومة العلم التي أكسبته تلطفًا بالنفس اقتداء بسيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. منهجه استعطاف القلوب وشحذ همم الشباب لنيل أرقى العلوم محبًّا لقراءة التفسير والحديث والتاريخ، وبجوار مقعده منضدة تحمل العديد من الكتب، يطالع فيها ويقرأ وينقل القصص والفوائد لأبنائه وبناته ومحبيه. وقد سمعت من زوجتي العديد من القصص المفيدة ترويها عن أبيها، تحمل حكمة وفائدة وتسلية. إنني لا أستطيع تأبين مثلك وأفضالك علي كثيرة. رأيت عطفك علي وعلى إخواني الصغار حينما فقدت والدي -رحمه الله-، وكنت رفدًا للفقير، وكافلاً لليتيم، وعضدًا للعاجز. عُرف -رحمه الله- بحسن الخلق وبشاشة الاستقبال وقضاء حاجة الآخرين، وعُرف -رحمه الله- بعمق النظر إلى الأمور، ووزنها بميزان دقيق، ومعالجة المشكلات بتؤدة وأناة وبصيرة. قضى سنوات من عمره في العمل الحكومي معلمًا في المدرسة المنصورية تحت إدارة معالي الشيخ محمد العبودي الذي وصفه في كتاب معجم أسر بريدة بما نصه: «ومنهم زميلنا الكريم وصديقنا الوفي الأستاذ عبدالله بن سليمان الربدي. كان من تلاميذي في المدرسة الفيصلية في بريدة عندما كنت أُدرّس فيها عام 1367، وقد رأيت فيه النجابة والعقل؛ فعيّنته مدرسًا عندي في المدرسة المنصورية في بريدة عندما عُيّنت مديرًا لها في عام 1368، وبعدها مدرسًا بالمعهد العلمي، ومن ثم مساعدًا لمدير المعهد العلمي سنة 1373، والمعهد أعلى في مستواه العلمي لأنه ثانوي، وفيه درس علماء ومشايخ». تقاعد الشيخ عبدالله -رحمه الله- عن العمل الحكومي مبكرًا؛ ليتفرغ للأعمال الخيرية والوطنية ولخدمة المجتمع ببريدة خاصة، والقصيم عامة، وأصبح عضوًا في العديد من اللجان الخيرية والتعاونية والتعليمية والإنسانية، وعمل جاهدًا أن تكون بريدة زاخرة بكل محاسن وفضائل الرقي خلال عمله ومشاركته باللجان الأهلية، فاستحق الثناء والدعاء له بالرحمة والمغفرة، وتمنيت الاحتفاء به حيًّا خلاف الاحتفاء به بعد الموت. جاء في تأبين د. عبدالحليم العبداللطيف للعم عبدالله ما نصه: انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ والأستاذ والمربي شيخنا وأخونا وزميلنا عبدالله بن سليمان الربدي. وهو يعتبر - بحق - من أوعية العلم، ومن أعمدة التربية والتعليم في مدينة بريدة، وله باع طويل في التربية والتعليم في خدمة الشباب والطلاب، ومن أعيان ووجهاء بريدة {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. أخيرًا، العم الشيخ عبدالله كان كتابًا زاخرًا بما يفيد تنوعًا وحماسة، وفيما يطرح ويناقش، محتفظًا دائمًا بقدر عال من التمسك بالموضوعية؛ إذ كان همه الكبير خدمة دينه وأبناء مجتمعه، وبذل جهودًا كثيرة فيما يملك من تجارب، مع التزامه بالثوابت التي لا يتنازل عنها. أما وفاؤه للإنسان فهو حاضر لا يغيب متى فقد أحدًا من أقاربه وأصدقائه وزملائه، يحرص على السؤال والمساعدة، ولا يغيب عن المناسبات والمنصات.. وكم كان المتحدث الأول عن منطقة القصيم أمام ملوك البلاد أثناء زياراتهم للمنطقة. أيها الراحل الكبير، عذرًا إن قصرنا، وإن لم تسعفنا الكلمات وسط أحزان أهلك ومحبيك.. لقد كان مشهد الفقيد عند الصلاة عليه ودفنه -غفر الله له- مهيبًا مؤثرًا. سلام عليك أبا محمد يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيًّا، وجمعك الله في جنات عدن مع الأنبياء والصديقين والشهداء. آمين. ** **