الحياة ليست معادلة رياضية، الطرف الأيمن يساوي الطرف الأيسر؛ الحياة بحر، الحياة محيط من التناقضات الإيجابية والسلبية، السلبية والإيجابية، الربح والخسارة.. الحياة ممتلئة بصور الاستغلال، استغلال إنسان لإنسان آخر، أو موقف ضد موقف آخر، أو كما يقال (الصيد في الماء العكر). إنها كذلك إلا من يحمل بين أضلاعه القيم الإنسانية الإسلامية. الحياة هي ميزان، وحتى يبقى معتدلاً يجب أن تتساوى كفتاه، وأن لا ترجح إحداهما على الأخرى. وهذا ضرب من الخيال. المثل القائل (مصائب الجائحة عند قوم فوائد) العالم جميعًا يطبّقه على أرض الواقع. جائحة كورونا مصيبة، والأصح قضاء الله وقدره. هناك أقوام وشركات استفادت من الجائحة بمليارات الدولارات، دخلت في أرصدة شركات الأدوية ومنتجي الكمامات. التجارة الإلكترونية 5 شركات ربحت 128 مليار دولار في 9 أشهر من عام 2020، بقيادة «أمازون»، و»فيسبوك»، و»ألفابت»، و»مايكروسوفت»، و»أبل»، من مبيعاتها. في مملكتنا الغالية ارتفعت نسبة مناديب التوصيل بنسبة 500 %، وهو ما أكدته هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات. كذلك هناك عشرات مواقع التوصيل ارتفعت 240 في المئة في عملية التوصيل؛ وارتفعت أرباحها. قائمة من استفاد من جائحة كورنا قائمة طويلة. توابيت موتى جائحة كورونا استفادت منها شركات كثيرة في شتي أرجاء الكرة الأرضية، هذا ما أكده الشاعر المتنبي حين قال: الحياة حبلى بمصائب الناس من ناحية، ولها فوائد من ناحية أخرى. أصحاب ورش السيارات يسعدون ويفرحون حين ترتفع حوادث السيارات، وحفار القبور يتوقف عمله إذا قلّ عدد الموتى. لكم أن تتلفتوا لتتعرفوا على قائمة المصائب والفوائد. أقتبس: (أبو العتاهية) وهذا ينطبق أيضًا على النوايا السليمة والنوايا السيئة، القليل من الناس من يظهرون نواياهم وإن بدوا بجمال ألوان الطاووس. هناك فئة من الناس يصطادون في الماء العكر، وهذه قمة الأنانية في تحقيق المصالح الذاتية على حساب تدمير وتعكير حياة الآخرين، يصطادون حين يفكرون بمصلحتهم غير عابئين بالهدف من وجودهم في قلب المصيبة التي جاؤوا لحلها، وتهوين وقعها على رؤوس من أُصيبوا بها. لماذا البعض يستغل المواقف، ويركب على الموجة، ويحول الموقف إلى صالحه؟ إنه استغلال المصابين بمصيبة، وصوّب رمحه، وأصاب هدفه. يحق للجميع أن يسموا فئة من المجتمع بتجار المصائب الذين لا يعرفون معنى الإنسانية، ولا في قلوبهم رحمة. وقصص تجار المصائب كثيرة، تحدث هنا وهناك، وفي كل مكان. شعارهم في كل مصيبة فرصة. ديننا الإسلامي حثنا على مراعاة نفسيات الآخرين، والوقوف إلى جانبهم. قد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يُسْلمه».