لم يكن السبت آخر يوم من رجب كغيره من الأيام، لكني لم أتمكن وقتها من الكتابة؛ فالحدث كان وقعه كبيرًا عليّ وعلى كل من كان قريبًا من الخال الكريم علي بن عبدالله الحواس -رحمه الله- الذي ترجل في مدينة الرس بالقصيم بعد حياة حافلة بالعطاء ومكارم الأخلاق، بالعلم وصلة الأقارب وحسن الجوار والإصلاح بين الناس وطيب القلب وسلامة الصدر والإحساس، متواضعًا من غير ضعف، لينًا من غير عنف، كريمًا لا يكاد يبقى بيده شيء من حبه للناس ومبالغته في إكرامهم. كان محبًّا للفائدة والقراءة والاطلاع؛ فبين جنبيه نفس طامحة للمعرفة حتى بعد عشر الثمانين؛ فقد كانت مجالسه عامرة بالخير؛ فلا أحصي المجالس التي أدار فيها الحديث في الأحكام الشرعية مُسائِلاً بعض طلاب العلم ممن هم في منزلة أبنائه، ثم تراه يناقشهم فربما رجعوا لرأيه؛ فلقد صقلت خبرة السنين رأيه، وأحكمت مواقف الحياة حكمه على الأشخاص والمشكلات، وكان يهتم بالعلاقات بالآخرين، ويعرف منازل الأقربين والأبعدين. وأعظم العلاقات عنده العلاقة بربه؛ فقد كان لا يقدم عليها علاقة، مسابقًا للطاعة، لا يكاد يتأخر عن عبادة، كثير الصيام والصلاة والصدقات، فليس فقد أمثاله فقدًا لرجل فحسب؛ بل لقامة امتلأت بخصال الخير وصفات البر، فنعم الرجل كان أبو عبدالله، كذا نحسبه ونعرفه ولا نزكيه على الله، فدعواتنا ودعواتكم له بالمغفرة والرحمة. رفع الله درجته، وأعلى منزلته، وجمعنا به في فردوسه الأعلى. ** **