انتقل الى رحمة الله تعالى خالي سعد بن عبدالعزيز الثاقب، عميد أسرة الثاقب في الرياض وحريملاء، وأحد أبناء قبيلة عنزة، صبيحة يوم الأربعاء السابع عشر من شعبان لهذا العام، في مستشفى الأمير سلمان بالرياض، عن عمر يناهز التسعين عاماً قضاها يرحمه الله في طاعة الباري جل وعلا، إذ هو من صغره نشأ في طاعة الله، وعُرف عنه بره بوالديه واحسانه لهما، وكان حريصا على المطعم الحلال من كد يده، كما أنه مشهور بصلة الرحم فبارك الله في عمره فبلغ التسعين حولاً، فكان حريصاً على زيارة أولاده في منازلهم، والمبيت عندهم أياما، وصلة أرحامه وجيرانه، واقامة الولائم لهم، واستضافة أقاربه في العيدين بمنزله، فلقد عُرف بالكرم والبذل والسخاء. وجود النفس وطلاقة الوجه مع كل من زاره. وتميز بحب الخير، وبذل المعروف واغاثة الملهوف، فكل من احتاج من أقاربه لمساعدة بذل له ما يستطيع رغم قلة ذات يده، فبارك الله له في ماله ورزقه وصحته وأصلح له ذريته. وعُرف رحمه الله بحرصه على القيام بحقوق اخوانه المسلمين من عيادة المريض،واتباع الجنائز، وحضور الولائم في الزواج أو المناسبات أو العيدين رغم كبر سنه إلا أنه كان يتحامل على نفسه رغبة في ارضاء أقاربه وجيرانه ومحبيه وادخال السرور عليهم بمشاركته لهم، فله منزلة في قلوب كل من عرفه. ومجلسه لا يمل من حسن حديثه، وحفاوته بضيوفه، ومبالغته في اكرامهم، وامتاعهم بما حفظ من حكايات وأشعار تضفي على المجلس بهجة وسروراً. فكان منزله ملتقى الأحبة. ومع ذلك كله فهو من عباد الله الصالحين - ولا نزكي على الله أحداً - فكان سريع الدمعة، رقيق القلب، حريصاً على المبادرة للصلاة قبل وقتها، فكان يسبق المؤذن في الحضور للمسجد مبكراً ليلاً أو نهاراً، ويذهب للجمعة قبل الأذان الأول، وكان كثير التلاوة لكتاب الله، وكل من زاره وجد المصحف عن يمينه يتلوه آناء الليل والنهار، مع استماعه لاذاعة القرآن الكريم وكان لسانه يلهج بذكر الله كثيراً، مع مداومته على حضور المحاضرات والنصائح في مسجده، وبذل الصدقة للمحتاجين بالمال والطعام والكساء، وحث أهل بيته على ذلك حتى صاروا مثلاً بين أهل الحي. فراقُك مثلُ فِراقِ الحياةِ وفقْدك مثلُ افتقاد الدِّيم عليكَ السلامُ فكم من وفاءٍ أفارقُ منك وكم من كرم وكان عف اللسان، لن يسمع في مجلسه غيبة لأحد، وكان سليم الصدر، لا يتكلم في أحد إلا بخير، ولم تشغل قلبه الدنيا، بل كانت الآخرة همه، فكان يداوم على قيام الليل، وصيام النوافل - حتى اشتد به المرض قدس الله روحه، ولم يكن يكثر الشكوى إلا لله فهو صابر محتسب، وإني إذ أذكر هذه السجايا الكريمة له رحمه الله، فإنها مناقب يعتز بها أبناؤه، وحث لنا في فعل الخيرات، لننال رضا الباري جل وعلا، ثم الذكر الحسن فالناس شهداء الله في أرضه، ومن رأى كثرة المصلين عليه والمُعزين فيه علم قدر محبته في قلوبهم، وعزائي لأبنائه البررة: الأستاذ/ حمد، ومحمد، وعبدالله وكريماته جميعاً، فلقد كان نِعم الوالد الشفيق، والأب الحاني الرفيق. ولسان حالي يقول لهم: ما مات من أنتم أغصان دوحته فالذكر منه مُقيمٌ بين أحياء كنتم له خلفاً يُهدي الثناء له كالشهد للنحل، وكالورد للماء تغمده الله بواسع رحمته، وأمطر على قبره شآبيب الرحمة، وأعلى منزلته في جنات النعيم، إنه جواد كريم.