«السيرة الذاتية مقاربة الحدّ والمفهوم» حين سرد ذلك ببحث جميل ومستفز خصوصاً في قضية الاعتراف في السيرة الذاتية بين كاتب غربي وكاتب مسلم ليعيدنا الدكتور إلى نقطة تقسيم الأدب إسلامي وغيره ! دعوني الآن أعْرض ما يقرره آل مريع في كتابه بطريقتي وبأسلوبي ومما فهمته: فيما يقرره بعض النقّاد الشرقيين بأن الذي لا يعترف في كتابة سيرته الذاتية من خلال كشف مجمل الأسرار من فضائح روائح التي فعلها فلا تعد سيرة ذاتية مؤكداً على كرسي الاعتراف أمام القسيس كما هي حقيقة السيريين الغربيين ضمن دياناتهم.... ويدلل الدكتور آل مريع في كتابة السيرة الذاتية... بما قالها - معترضا لما قالوه طبعا بتعبيره «النزعة المتغرّبة»- الناقد الكبير أنور المعداوي وكذلك ما قالوه محمود تيمور في اتفاقه مع المعداوي ثم يبين على ميله لما قاله الشيخ الأديب أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه «تباريح التباريح»: {يفترض في كاتب السيرة الذاتية أن ينقل الحقيقة عن حياته، والواقع الذاتي لنفسه وبيئته من خلال الأخداث الخارجية... إلا أن هذا المطلب عسير عند الشرقي المسلم الذي أوصاه ربه بالستر على نفسه إذا ضعف، وأن يطلب الستر من ربه في حياته ويوم يقوم الأشهاد} ويدلل آل مريع ما كتب الظاهري في سيرته من اعترافات بأنه شغوف بالموسيقى واستماعه للغناء.. وإدامة شرب الدخان» - طبعا في فترة سابقة من حياته - الآن أعقّب على كل ما سبق: - بآية من القرآن الكريم وهي آية في قوله تعالى (فَاعْتَرَفُواْ بِذَنوبِهِمْ فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ) الفاء هنا أتت للإفصاح والذي استحقوا عليه الخسران في النار.. إذا كاتبُ السيرة الذاتية في الأصل الإفصاح عن ما خفي للقارئ ملامح أو ممالح.. - قال تعالى في سورة الكهف (قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) قصة موسى والخضر عليهما السلام المعروفة قال سبحانه (حتى أحدث لك منه ذكرا) فالذكر أتى بعد حدث وهنا المطلوب في الاعتراف عند كاتب السيرة الذاتية بأن يحدث ما ينبغي أن يذكر ومن ضمن الحدث ليذكره هو المخفي الذي لا يذكر عادة عند الناس بالطبع ليس كالشيخ الذي يدخن ولا الذي كان يسمع أغانٍ... أخيرا الدكتور أحمد آل مريّع في كتابه الآنف الذكر استبدل الاعتراف بالمكاشفة وأنا أيضا أختلف معه جملة «المكاشفة» وتفصيلاتها من أمرٍ مهم وهو في ظني لُبّ السيرة الذاتية الاعتراف أقوى مفردة وفصاحة باعتراف آل مريع نفسه في بحثه فالمكاشفة هي تبيان المسروق وليس الاعتراف إلا إذا كانت يقصد الدكتور أحمد كشف المجرم بفضيحته فهذا مجاله «بوليسي» وليس فن السيرة الذاتية ! سطر ، وفاصلة كان طَوْقا.. وبحرُ الأوهام عمّ أرجاء روحي ودمعتي منحدرة تريد الصعود وفي مدّ الماء كان السقوط كان حُلْما .. بُنَيّ قُمْ وأشعل في الطموح الهموم واغسل بقايا من تعبي وأرتال الغيوم كان حِبْرا .. فاكتب لي يا حبيبي حرفك وعطرك وأول العين يا الله ! ربما تنير بقنديله أوشاج الحياة ** ** - علي الزهراني (السعلي)