تلقيت دعوة كريمة للاجتماع بمعالي وزير الموارد البشرية ضمن قادة الرأي في 2021/2/22 مساء؛ لعرض استراتيجية سوق العمل المكونة من 25 مبادرة التي صيغت بالتشاور مع الجهات ذات العلاقة، والتي أقرها مجلس الوزراء. ورثت الدولة ووزارة الموارد البشرية تركة ثقيلة تعاني من تشوهات اقتصادية، جعل الدولة تتجه نحو إطلاق رؤية المملكة 2030، ولا زلنا في طور فطم الدولة من الاعتماد الكلي على إيرادات النفط، وفطم القطاع الخاص من الاعتماد الكلي على الدولة وعلى العمالة الوافدة، نتج عن تلك التشوهات تضخم القطاع الحكومي مع ارتفاع الرواتب التي تمثل ضغطا على توطين سوق العمل. ليس هناك خيار أمام الدولة في تقوية القطاع الخاص، وتحييد الطفيليين الذين يستثمرون في التشوهات الاقتصادية نتيجة غياب تشريعات قانونية؛ ما جعل الدولة تعيد النظر في نظام الكفيل الذي يخدم التستر. ولا شك ان وزارة الموارد البشرية تسابق الزمن منذ عام 2011 عندما واجهت تحديات لتوظيف بمبادرة نطاقات لتقليل نسبة البطالة لدى السعوديين، والتي صنفت الشركات الخاصة إلى أربعة أصناف، وبالطبع واصلت الوزارة جهودها لمواكبة رؤية المملكة 2030، ومنذ 1/6/1441 ألغي نطاقات الأصفر لانتقال المنشآت إلى النطاق الأخضر ما يعني زيادة التوطين وزيادة فرص العمل. أمام وزارة الموارد البشرية تحدي توفير وظائف ما يقارب 350 ألف يدخلون السوق سنوياً، فلن تجدي التجارب السابقة، وإن كان الدولة اتخذت قرارات تتوافق مع مبادرات رؤية المملكة 2030 لخلق وظائف جديدة، مثال على ذلك تدشين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الجيل الصناعي الرابع بأضخم برامج رؤية المملكة 2030، وتوقيع 66 اتفاقية بأكثر من 54 مليار دولار، وهناك استراتيجية لصندوق الاستثمارات العامة للأعوام الخمسة القادمة 2021 إلى 2025، وأن تكون الشريك المفضل للشركات الابتكارية والمتطورة في العالم، وتتركز الاستراتيجية في 13 قطاعا استراتيجيا على المستوى المحلي، وضخ نحو 150 مليار ريال سنوياً في الاقتصاد المحلي مع استحداث 1.8 مليون وظيفة بشكل مباشر وغير مباشر. وعلى الرغم من الجائحة استطاعت وزارة الموارد البشرية من توظيف 422 ألف شاب وشابة في عامين، وتهدف الوزارة إلى تحقيق هدف الدولة في خفض نسبة البطالة في السعوديين من 12 في المائة عام 2019 إلى 7 في المائة عام 2030، وانخفض عدد الباحثين عن العمل من 913 ألف إلى 196 ألف في يناير 2021، بل حققت الوزارة نسبة توطين وظائف النساء بنحو 31 في المائة وهي نسبة مستهدفة في 2030، ومؤشر البطالة العام لا يتجاوز 4 في المائة وهي أقل نسبة في دول مجموعة العشرين. لدى الوزارة طموحات كبيرة جدا في التوجه نحو رفع مستوى المملكة عالميا من المرتبة 89 إلى 20، ما يجعلها تتجه نحو العمل المرن، وعن بعد، وتوحيد سوق العمل، وجعله سوقا واحدة، وأطلقت مبادرة تحسين العلاقات التعاقدية للأجانب في سوق العمل، مع التوجه نحو التوظيف القطاعي، وتشجيع ريادة الأعمال والاستثمار الجريء، بعد تأسيس بنك التنمية الاجتماعية، وحماية الأجور، وتبني الحد الأدنى من الأجور في كل قطاع من القطاعات، من أجل خلق بيئة عمل تنافسية ترفع كفاءة العالمين وجذب الاستثمارات الأجنبية، مستثمرة التغيير في مجالي الاقتصاد والتقدم التكنولوجي الذي ساهم في تغير الطريق التي تستخدمها العديد من الشركات في التوظيف. حقيقة من خلال هذا الاجتماع رغم تحديات الحاضر وتطلعات المستقبل، خصوصا فيما يتعلق بكيفية معالجة التستر، رغم أن الوزارة تؤكد على أن هناك 75 في المائة من السوق السعودي يتم إدخال الرواتب للعاملين عن طريق البنوك، لكن تبقى كيفية معالجة حقوق المتستر عليهم، وكيفية استثمار تلك الأموال في داخل الاقتصاد السعودي، وفق تشريعات، لمعالجة تلك التشوهات. وعلى الرغم من ذلك هناك نضوج في كثير من المعالجات، وفي كثير من المبادرات المعروضة والمطروحة تعطي اطمئناناً لمستقبل الأجيال القادمة، بالطبع تتبقى مسؤولية التعليم في مواكبة مخرجاته مع سوق العمل. ** ** - أستاذ بجامعة أم القرى بمكة