تحولت منطقة قصر الحكم إلى معلم حضاري وتجاري وثقافي وسياحي وأثري، بفضل الجهود التي قامت بها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، إذ استعادت الهيبة والقيمة التاريخية والمعنوية للمنطقة على صعيد المدينة وعلى مستوى السعودية إضافة إلى الصعيدين العربي والعالمي، كمنطقة جذب للمواطنين والمقيمين والزوار من الداخل و الخارج. وشملت خطط واستراتيجيات التطوير لدى الهيئة العليا جميع الأماكن في المنطقة، بدءاً من"بوابة الثميري"التي تمثل الجهة المطلة على شارع الملك فيصل والمدخل الشرقي لمنطقة قصر الحكم. وكانت هذه البوابة في الماضي إحدى المداخل الرئيسية لمدينة الرياض عندما كان سور المدينة القديم ما يزال قائماً، وقد هدمت مع هذا السور عندما بدأ التوسع العمراني يزحف من المدينة إلى خارجها، وقد أعيد بناء هذه البوابة مع جزء من السور ضمن المرحلة الثانية من برنامج تطوير منطقة قصر الحكم وذلك في مواقعها الأصلية، وبأسلوب بنائها السابق وبمواد البناء التقليدية. وتم تصميم"مجمع سويقة التجاري"بأسلوب معماري يتناغم مع طبيعة العمران السعودي في المنطقة. وهو عبارة عن سوق شعبي اعتمد فيه التصميم على امتداد المساحات والمشهد الجمالي البصري. ويتوسط السوق أفنية عدة يتخللها ممرات مغطاة بخيام ومشربيات, ويضم هذا المجمع، الذي طوره أحد المستثمرين، 260 محلاً تجارياً في الجانب الشرقي باتساعات مختلفة. ويقع إلى الغرب من مجمع سويقة ساحة عامة تحيط بحصن المصمك التاريخي الذي أقيم في مطلع القرن الرابع عشر الهجري. وأقيمت ساحة المصمك بامتدادها واتساعها لإبراز الحصن بالشكل اللائق نظرا لمكانته التاريخية, وتبلغ مساحتها 4500 متر مربع، وقد غرس في الجزء الجنوبي منها صفوف من أشجار النخيل فيما غرست أشجار وشجيرات أخرى في بقية أجزاء الساحة عدا الجهة الشرقية التي زينت بتنسيق صحراوي تنتهي بمدرجات مرتفعة عن سطح الأرض للجلوس عليها ولحماية الحصن. و يتخلل هذه الساحة ممرات للمشاة مرصوفة بحجر الرياض، وهي مهيأة لإقامة أنشطة الفنون الشعبية والتراثية فيها. وقد أعيد بناء المسجد المجاور لحصن المصمك على النمط العمراني التقليدي للمنطقة ليتناغم المشهد الجمالي في المنطقة. كما روعي اتصال ساحة المصمك من جهتها الغربية مع ميدان العدل. ويعد ميدان العدل، أحد الساحات المفتوحة التي تشكل عنصر الربط بين المواقع الأخرى في المنطقة، وهو الميدان الرئيسي لمدينة الرياض، إذ تطل عليه العناصر العمرانية الرئيسية بالمنطقة مثل قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبد الله، إضافة إلى أنشطة إدارية وتجارية ومكتبية أخرى. وتبلغ مساحة الميدان 14 ألف متر مربع بأبعاد تتناسب مع ارتفاعات المباني المطلة عليه، وتحده من جهة الشمال مكاتب إدارية تحتها محلات تجارية، وتحده من جهة الجنوب أسواق الأوقاف الخيرية، أما الحد الشرقي للميدان فتشكله أروقة مظللة تحتها محلات تجارية. وتتناثر في أطراف الميدان أشجار النخيل متتبعة اتجاهات حركة المشاة الرئيسية التي تنطلق من الميدان وتصب إليه. ويشكل هذا الميدان امتداداً لجامع الإمام تركي بن عبدالله، ونقطة التقاء لممرات المشاة التي تتخلل منطقة قصر الحكم، ويعتبر بهذه المعطيات مكانا مناسبا لإقامة الاحتفالات والمناسبات الرسمية والشعبية. ويقف جنوب هذا الميدان برج الساعة الذي رمم واستبدلت ساعته وأبقي ليشير إلى مرحلة من مراحل نمو المدينة. وعن جامع الإمام تركي بن عبدالله، فقد ظل هذا الجامع يقوم بدور الجامع الكبير في المدينة لعقود طويلة، وقد أعيد بناؤه في نفس موقعه السابق على أرض مساحتها 16800 متر مربع، ولهذا الجامع مداخل رئيسية تفتح على ميدان العدل وعلى شارع الإمام تركي بن عبد الله وساحة الصفاة، وتؤدي بعض هذه المداخل إلى ساحة مستطيلة الشكل مساحتها حوالي4800 متر مربع محاطة بأروقة مظلله تحتها بسطات تجارية. وتبلغ مساحة المصلى الرئيسي 6320 متراً مربعاً، وارتفاعه 14،8 متراً، ويحد من هذا الارتفاع في الداخل أعمدة وقناطر خشبية تحمل وحدات الإنارة والمكبرات الصوتية، ويتسع الجامع لنحو 17 ألف مُصل. وقد أقيم على جانبي الجامع منارتان بارتفاع 50 متراً، استلهم في تصميمهما روح العمارة التقليدية، وهناك مكتبتان للرجال والنساء، مساحة كل منهما 325 متراً تقريباً. وقد بني الجامع من وحدات خرسانية سابقة الصب، وغطيت جدرانه الخارجية والجزء العلوي من الجدران الداخلية بحجر الرياض بينما غُطي الجزء الأسفل من الجدران والأعمدة بالرخام الأبيض، أما السقف فقد غُطي ببلاطات خرسانية تشبه المرابيع الخشبية التي كانت تغطي سقف المسجد القديم، وجهز الجامع بوسائل البث التليفزيوني والإذاعي المباشر وكاميرات تلفزيونية يتم التحكم فيها عن بعد. ويتصل جامع الإمام تركي مع قصر الحكم بجسرين على مستوى الدور الأول عبر ساحة الصفاة الواقعة بينهما محاكاة لما كان عليه الوضع في السابق، ورمزاً لنهج الدولة في ارتباط الحكم بالشرع الحنيف. وعن ساحة الصفاة، فهي تقع بين جامع الإمام تركي بن عبد الله وقصر الحكم متصلة بميدان العدل من جهته الغربية. ويفتح على هذه الساحة المدخل الملكي لقصر الحكم وعبرها يتصل قصر الحكم بجامع الإمام تركي بن عبدالله على مستوى الأرض وعن طريق جسرين على مستوى الدور الأول وقد غرست في هذه الساحة صفوف من أشجار النخيل بامتداد طولي متناسق. وتشغل ساحة الإمام محمد بن سعود أرضاً مساحتها 14 ألف متر مربع، وتتصل من جهة الغرب بسلسلة من الميادين والساحات العامة المفتوحة التي تمثل عنصر الربط الرئيسي للمكونات العمرانية في منطقة قصر الحكم وتضفي على تخطيطها نمطاً عمرانياً مميزاً، والساحة مزروعة بأشجار وشجيرات متنوعة كما أنها مجهزة بأماكن مظللة للجلوس ونوافير تضفي جواً من البهجة، ويطل عليها قصر الحكم من جهتها الشرقية وأمانة منطقة الرياض من جهتها الجنوبية ومركز المعيقلية التجاري من الجهة الشمالية. وهناك أسواق شهيرة، بينها سوق الديرة الذي يقع جنوب ساحة الإمام محمد بن سعود في موقع سوق المقيبرة القديم بجوار مبنى أمانة منطقة الرياض، ويضم السوق 400 محل تجاري لبيع سلع متنوعة، ومكاتب للصرافة وأنشطة أخرى متعددة. وتم تطوير سوق الديرة من قبل الشركة السعودية لمركز المعيقلية التجاري. ويقع في المنطقة مركز المعيقلية التجاري، الذي انشأ في أقصى الطرف الغربي لمنطقة قصر الحكم وقامت على تطويره الشركة السعودية لمركز المعيقلية التجاري المكونة من أمانة منطقة الرياض ومصلحة معاشات التقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والشركة العقارية السعودية. ويضم هذا المركز حوالي 1000 محل تجاري بالإضافة إلى مكاتب وشقق سكنية، كما توجد تحته مواقف للسيارات تتسع لحوالي 2000 سيارة. وقامت الهيئة العليا بوضع التصميمات والتصورات العامة، للحفاظ على المقومات الرئيسية للمنطقة، وما تمثله من تراث وحضور تاريخي مميز، مع إضفاء عنصر الحداثة في المواقع المنشأة، فتمت إعادة بناء بوابتي دخنة والثميري وبرج الديرة، إضافة إلى أجزاء من سور المدينة القديم، وأعيد بناء بوابة دخنة في موقعها السابق في نهاية شارع الإمام محمد بن عبدالوهاب عند التقائه مع شارع طارق بن زياد، كما أعيد بناء البرج المجاور لهذه البوابة وكذلك جزء من السور، وأعيد بناء بوابة الثميري في موقعها السابق أيضاً في أول شارع الثميري من جهة الشرق. وأعيد بناء سور المدينة على أنقاض السور الشرقي القديم في المنطقة الواقعة شرق مجمع سويقة التجاري، كما جرى توضيح مساره على الشارع بأحجار ذات ألوان مختلفة عن لون الإسفلت في الأجزاء التي تعذرت فيها إعادة بنائه، وتم بناء برج الديرة الواقع في المنطقة المحصورة بين سوق الديرة ومجمع الإمارة في جهته الجنوبية. وتم تحديد مواقع البوابات والأبراج ومسار السور والمواد المستخدمة في التشييد وفقاً لدراسات شاملة، والرجوع إلى مصادر متعددة داخل المملكة وخارجها، ما أتاح إمكان تصميم هذه المواقع بنمطها الأصلي، من حيث الشكل والطابع، واستخدمت مواد البناء التقليدية في عمليات التشييد، إذ بنيت قواعد البوابات من الحجر الطبيعي وجدرانها من اللبن، كما استخدمت في تنسيقها عروق الأثل وسعف النخيل، واستخدم الطين المقوى بالتبْن في عمليات اللياسة، وتمت الاستعانة في بناء هذه العناصر بحرفيين محليين، ما ساعد في تشييدها بشكل مماثل لما كانت عليه في السابق. +