هذا العنوان ليس من عندي بل أستعرته بتصرف من ترجمة لكتاب السناتور الأمريكي المعروف وليم فولبرايت في كتابه «غطرسة القوة» ترجمة محمود شكري الحمدوي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، حيث يحذِّر السناتور الأمريكي أمريكا من عدم الإبصار الدقيق لجوهر قوتها.. انه يقول: «ان أميركا» تمر الآن بالنقطة التاريخية التي تصبح فيها الأمة الكبيرة «عرضة لخطر» فقدان الرؤية المنطقية الصادقة. ولقد طمحت أمم كبيرة بلغت هذا المفترق الخطر، في نيل الكثير فأسرفت ثم هوت بما تورطت فيه من جهد فاق كل حد. وفي الوقت نفسه فإن الآمال تحدوني في أن أميركا سوف تتمكن من الإفلات من إغراءات القوة القاتلة». ثم يستطرد محذِّراً «إن حماقة القوة وغطرستها هي التي حدت بالإنجليز في القرن التاسع عشر إلى افتراض أنهم عندما يصيحون باللغة الإنجليزية في وجه أجنبي فلا بد أنه يفهم..!!» ثم إنه يبدي تخوفه من اعتبار «القوة هي البرهان النهائي على التفوق، عندما يظهر لأمة أن لديها «الجيش الأقوى». فتتصور أن لديها «الشعب الأفضل». و«النظم الفضلى» والمبادئ السامية! ثم هو يأمل أن تجد مثل هذه الأمة القوية «من الحكمة ما يصبح نداً لقوتها». وهو يرى أن «الولاياتالمتحدة قد أخذت تدريجياً في إظهار دلائل غطرسة القوة التي أذلت وأضعفت أمماً عظيمة في الماضي.. بل سحقت بعضاً منها..! مثل هذه الكتابات هي بمثابة «نواقيس كبرى» تدق دوماً في أفهام الأمة التي تحاول استمرار المحافظة على قوتها.. وهي التي تغذي روح النقد والفحص والمراجعة وتكبح جماح الأمة.. أي أمة من النظر العكسي في «منظمة القوة»..؟؟ فلا تسمح لنفسها أن تصدق الوسواس الخنَّاس إذا ألقى في روعها بوسوسته. «انا أمتلك جيشاً قوياً إذن فأنا الأفضل..«شعباً» و«نظماً»، و«مبادئ»..! نعوذ بالله من الوسواس الخنَّاس أن يداهم تصوراتنا لأنفسنا في هذا المجال.. أو ذاك من شؤون أمتنا. هذا وما يقوله فولبرايت في «غطرسة القوة» هو من صميم عمليات إدارة التربية أو تربية الإدارة بوجه عام. هذا الموقف النقدي في النهاية ألا ترونه يستحق التأمل ألا يستحق الانتفاع به. إن المنافسة الحقيقية والحرب إنما تدور في الخطوط الخلفية في المختبرات والمصانع والأهم من ذلك في «الأفكار» التي تقودها. وإن «عالم الأفكار» تكمن خمائره في المدرسة والجامعة.. فكل الحضارات والدول العظمى التي بزغت زماناً أفلت وطواها التاريخ وهذا الأفول لما أفلت منهم الفهم الصحيح الصحيح لمعادلة القوة! - صناعة القوة.. - المحافظة على القوة.. - تعاظم القوة.. - استخدام القوة.. في المكان والزمان ويالكم والعدالة الواجبة..!! إن «القوة العمياء» تميل إلى الفساد والعفن والاضمحلال.