* حوار: حسن علي غرامة وسعيد آل جندب: حقق الشاعر صالح بن عزيز شهرة كبيرة في (شعر العرضة) ورسم اسمه بين ألمع شعراء المنطقة الجنوبية بشكل عام وفي منطقة عسير بشكل خاص وذلك خلال مسيرة امتدت (21) سنة حتى الآن يتميز (ابن عزيز) عن سواه بسرعة الرد وقوة المعنى ويحاول جاهداً الابتعاد عن المهاترات التي أصبحت عالة على الكثير من المحافل الشعبية التي يقام فيها (فن العرضة الجنوبي) هذا الفن الذي يعتمد على شاعرين أو أربعة يكون بينهم سجال من البدع والرد. وكان ل«الجزيرة» لقاء مع هذا الشاعر تحدث فيه بصراحة وألقى الضوء خلاله على الكثير من القضايا المهمة على مستوى الساحة الشعبية في منطقة عسير. الشاعر ابن عزيز ابن عزيز يتحدث للمحرر تصوير: محمد الشهراني ابن ثايب مدرسة تعلمت منها الكثير ابن ثايب مدرسة تعلمت منها الكثير في البداية طلبنا منه إلقاء الضوء على بطاقته الشخصية وكيف كانت البداية مع (شعر المحاورة) فقال: بداية الاسم صالح بن سعد بن سالم بن عزيز القرني، اشتهرت باللقب (صالح بن عزيز). لي من العمر (37) عاماً متزوج وأب لمجموعة من الأطفال، نشأت في بيئة كلها شعار فوالدي وعمي وجدي وأبناء عمي يجيدون الشعر وتأثرت بهم بشكل كبير وتعلمت منهم الشيء الكثير. الحرب والتشجيع داخل أسرتي * إذن دعنا نتحدث عن البداية كيف كانت؟ - لاقيت تشجيعاً مميزاً من ابن عم الوالد الشاعر سعد بن عزيز حيث كان من المتابعين باستمرار لما أقدمه سواء على الساحة أثناء المحاورة الشعرية معه أم مع أحد أقراني في ذلك الوقت خاصة من أبناء قريتي ومنهم عائض بن حفير إلا أنه كان يواجهني والدي بموقف سلبي حيث كان يمنعني من محاورة كبار الشعراء والوقوف معه أمام الجماهير الكبيرة، وكان يتخوف من ألا أكون بالمستوى الذي كان يأمله حتى اني شعرت بأنه يحاربني ولكن بعد أن سارت الأمور على ما يرام لقيت تشجيعاً ساعدني في اكساب فن المحاورة الشعرية في العرضة الجنوبية. بداية المواجهة (يواصل حديثه فيقول): تدرجت بعد ذلك في المحاورة والتقيت بشعراء كبار منهم الشاعر محمد بن ثايب الشهراني ومحمد ظافر الشمراني وأيضاً (ابن مصلح) و(الغويد) وهؤلاء استفدت منهم كثيراً، أما بداية المواجهة فكانت إذ عمري (16) سنة وتحديداً في الطائف حيث كان يوجد الشاعر (الغويد) وكان ذائع الصيت فحاولت محاورته إلا أنه تجاهلني وأخذ يتساءل عني فأحببت أن أعرفه بنفسي في بداية محاورتي معه فقلت في أحد الأبيات: أنا قرني وأبي قرني وجدي يسمى بن عزيز فكان تجاوبه والحضور إيجابياً مع هذا المطلع ولاسيما أن الأسرة معروفة بكثرة الشعراء فيها مما ولد لديّ الدافع للاستمرار في محاورته. وهذه التجربة تعد المواجهة التي فتحت طريق الشهرة. سر الثنائي الخطير *ارتبط اسم (ابن عزيز) بالشاعر (ابن هضبان) كثنائي أطلق عليه (الثنائي الخطير) لماذا؟ - ليس هناك أسرار إنما هو انسجام وتفاهم وكانت البدايات متقاربة بالإضافة إلى المستوى والشاعر سعيد بن هضبان من الشعراء النزيهين، كما أنه يجيد قصائد العرضة بدعاً ورداً في أثناء المحاورة وهذا من الأسس المهمة لاكتمال القصيدة وتقييم الشعراء والجمهور بعد ذلك. العدواة مع ابن ثايب * ما سبب اختلافك مع الشاعر محمد بن ثايب بعد أن كنتم على وئام تام؟ - للحديث عن ابن ثايب احتاج إلى لقاءات مطولة خاصة كونه رسم تاريخ طويل وحقق جماهيرية لم يصلها أي شاعر لمستواه الرائع وخاصة في منطقة عسير، و(ابن ثايب) شاعر محاورة وشاعر حماسي جداً وكنا نقف في معظم لقاءاتنا في موقف الدفاع وهناك ميزة في (ابن ثايب) وهي احترام الخصم حتى ولو كان مغلوب وأقولها بصراحة وصدق هذا الرجل مدرسة تعلمنا منها الكثير وتخرجنا منها. تهمة الغرور * كيف ترد على من يتهمك بالغرور؟ - أقول له الله يسامحه، وبارك الله فيمن أهدى إليَّ عيوبي ولكن هذا الاتهام لا صحة له وإن كان رأي فردي فلعله فاهم خطأ وأنا اأعد التكبر والغطرسة لدى أي شاعر (عيب). القصيدة تشتكي ابن عزيز * أين (ابن عزيز) من القصائد؟ - إن كنت تعني القصائد الفصحى فلن أكون متمكناً منها، وأما القصائد النبطية فلي قصائد وطنية كثيرة في مناسبات متعددة وقصائد أخرى، ولكني ما زلت مقلاً لأني أجد نفسي في شعر العرضة أفضل، وهذا جعلني أنشغل عما سواها. مشاجرات شعراء العرضة * مشاجرات شعراء العرضة أصبحت في الغالب سمة للحفلات الشعبية.. ما رأيك؟ - أتمنى أن تخص ولا تعم لأن هناك شعراء يخدمون الموروث الشعبي وبريئين من هذه التهمة وهؤلاء المشاجرون هم أكثر الجاهلين بهذا الفن ومن يأخذ محاورة العرضة من باب التحدي الأعمى أو العداوة فهو من الذين يسيئون لأنفسهم أولاً وأخيراً، وأريد التأكيد على أن دور الجمهور مهم جداً فهم يتحملون نسبة (80%) من أسباب المشاجرة وتأكد أني لن أتأثر بشاعر يسبني ولكن يقهرني من يأتي بقصيدة لا أستطيع مجاراته بمثلها وللأسف أصبح جمهور العرضة كجماهير كرة القدم التي مهمتها اصدار الأصوات فقط، وهذا لا أستطيع تعميمه لأنهم ما زالوا أقلية. هزيمة ابن عزيز * مَنْ مِنْ الشعراء يخشى ابن عزيز في محاورته؟ ومتى يهزم؟ - في الحقيقة لا أخشى لقاء غير الشاعر الجاهل لأن ما سيقدمه لن يكون بالمستوى المرضي لا للشعراء ولا للجمهور ولذا فأنا اتحاشى مقابلته وخاصة من يقصد الشر فأنا بشر وأتأثر بما أسمع ولي جماهير ويجوز أن تحصل مشكلة مع هذا الشخص، أما الشاعر حتى لو كان أفضل مني وأقوى وأعرف فأتمنى بصدق لقاءهم وأود أن أؤكد أنه ليس كل من تراهم على المكرفونات شعراء. هذا شيء يجب أن يقع في أذهان الجميع، الشعر موهبة من الله سبحانه وتعالى وغريزة في الإنسان وهذه الموهبة تحتاج إلى مقومات أخرى مثل الصوت والأداء ولكن للأسف نجد على الساحة من يقلد خاصة (مقلدي الأشرطة) بل وصلت إلى تقليد الشخصية وحمل العصا وهذا النوع ينتهي بسرعة، أما الهزيمة (فابن عزيز) لا يهزم إلا أمام نفسه. التمثيل * يقال إن هناك من يبالغ في إثارة بعض المشاكل عمداً لكسب حافز جماهيري كبير.. ماذا تقول؟ - في الحقيقة لا تمثيل فيما ترون ولا أعتقد أنه حصل بيني وبين شاعر اتفاق على إثارة من أجل تفعيل اللقاء أو التحضير للقاءات قادمة وتحقيق إثارة جماهيرية، وهذا منطق مرفوض ولا اعتقد أنه موجود. الربح المادي والشاعر ابن عزيز * الربح المادي أصبح هدفاً لشعراء العرضة فأين موقعك بينهم؟ - للشاعر أن يتقاضى أجره والرسول صلى الله عليه وسلم أهدى إلى أحد الشعراء بُردته، وحتى في العصور الجاهلية وما بعدها وكذلك على عهد أسلافنا كان هناك (القسمة أو الكسوة) يأخذها الشاعر ومع تغير الوقت أصبحت المسائل مادية والمجتمع مادي، فالشاعر يبذل جهده وتفكيره ويترك أعماله وربما يسافر مئات الكيلومترات لأجل ذلك، ألا يستحق أجرة على ذلك ثم ان المبالغ التي يتقاضونها مُبالغ فيها كثيراً، ولو نظرنا إلى فنان جاء ليغني ليلة تجده يأخذ من (ثمانين) إلى (مائة ألف) ريال وهي الأغاني نفسها التي يغنيها قبل خمس أو عشر سنين، بينما نجد أن الشاعر يأتي بالجديد ويطرح ألواناً جديدة، فعلى سبيل المثال لو أخذت أنا خمسين ألف هذا من حقي ولكن لا ولن تصل إلى هذه المبالغ لأنها خيالية جداً وهذا ما أؤكده لكم. أخيراً * في نهاية هذا اللقاء ماذا تريد أن تقول؟ - شكراً ل«الجزيرة» على اتاحتها لي هذه الفرصة فهي من أفضل الصحف التي تخدم الموروث الشعبي ثم أدعو جميع رجال الإعلام لإلقاء الضوء على الموروث الشعبي الجنوبي وخاصة شعراء هذه المنطقة كما أدعو رجال الصحافة خاصة، عدم طرح ما يتقاضاه الشعراء بشكل مبالغ فيه وأتمنى التوفيق للجميع.