تتعانق رؤية المملكة 2030 مع كثير من المشاريع العالمية، خصوصًا أن السعودية فرصتها في استثمار الجغرافيا، وهي ضمن مشروع الحزام والطريق الصيني، إذ تعد السعودية أكبر شريك تجاري للصين بمنطقتي غرب آسيا والشمال الأفريقي، وتعي الصين أن السعودية كعضو عربي وحيد في مجموعة العشرين، وأكبر مصدر للنفط في العالم، وقلب العالمين العربي والإسلامي، وهي دولة محورية برؤيتها، التي أصبحت مصدر جذب للعديد من الشركات العالمية الطامحة في دخول السوق السعودي الواسع، ومنطلق إقليمي للتحالفات الاقتصادية، مما يجعل السعودية معبرًا رئيسيًا للحركة التجارية. في خطوة تعكس الثقة التي تحظى بها السوق السعودية إقليميًا وعالميًا، ما جعل السعودية تتجه نحو إستراتيجية الرياض بإبرام 24 شركة عالمية اتفاقيات لإنشاء مكاتب إقليمية رئيسية لها في العاصمة الرياض، وهي خطوة تصب في تحقيق رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بجعل الرياض ضمن أكبر 10 اقتصادات للمدن في العالم. باعتبار أن إستراتيجية الرياض تهدف إلى استثمار الجغرافيا القادرة على جذب المقار الإقليمية للشركات العالمية من أجل زيادة المحتوى المحلي، والحد من التسرب الاقتصادي، وتنمية قطاعات جديدة، إضافة إلى إيجاد وظائف نوعية جديدة تستوعب أفضل الكفاءات التي وفرتها بعثات خادم الحرمين الشريفين، والمتخرجين من الجامعات السعودية. سبق أن فتحت هواوي أول متجر لها في الرياض الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي أول شركة صينية تحصل على ترخيص أجنبي بنسبة مائة بالمائة، كما قطعت السعودية خطوة مهمة في مشروعها الرامي إلى تحويل البلاد لوجهة سياحية عالمية بإعلان افتتاح مكتب إقليمي لمنظمة السياحة العالمية في العاصمة الرياض، هو الأول في منطقة الشرق الأوسط. استكمالاً لإستراتيجية الرياض جاء إعلان الاتفاقيات في 3-2-2021 مع شركات عالمية من أبرزها بيبسيكو، وشلمبرجية، وديلويت، وبي دبليو سي، وتيم هورتينز، وبيكتيل، وبوش، بوسطن ساينتيفيك. تهدف إستراتيجية الرياض إلى تعزيز البصمة الاقتصادية للرياض من خلال تطوير قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والتقنية الحيوية والتحول الرقمي وغيرها، والثاني تحسين جودة الحياة، لا سيما من خلال المشاريع البيئية والحدائق العامة، إضافة إلى تطوير الموهبة من خلال تطوير التعليم وإطلاق المبادرات المحفزة للمواهب، وتعزيز القدرة الاستيعابية، حيث سيتضاعف عدد سكان الرياض من 7 إلى 15 مليون نسمة، مما يتطلب تطوير البنية التحتية بشكل هائل. لذا تعد خطوة إبرام الاتفاقيات مع الشركات العالمية أحد ممكنات النمو الاقتصادي الذي تطمح إليه مدينة الرياض والذي يصب في تحقيق رؤية المملكة 2030، والتي تهدف إلى تطوير كل القطاعات الاقتصادية والتنموية في المملكة. لذلك تتجه الدولة نحو تعديل كثير من التعديلات النظامية بهدف تطوير البيئة الاستثمارية القادرة على جذب الاستثمارات العالمية، حيث يرافق الشركات العالمية كثير من البرامج التكميلية مثل مدارس عالمية من شأنه أن يرتقي بمستوى التعليم المحلي. حيث يوجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مقار إقليمية لنحو 346 شركة عالمية، نصيب السعودية منها لا يتناسب إطلاقًا مع الإيرادات والأرباح التي تحققها تلك الشركات بنسب تتراوح بين 40 و80 في المائة من إجمالي مبيعاتها الإقليمية. لذلك تحرص السعودية على تهيئة بيئة جاذبة لهذه الشركات في تشجيعها في الانتقال إلى الرياض من خلال تسهيل الإجراءات واتخاذ القرارات وفهم حاجات السوق بشكل أكبر وتوسعة الاستثمارات في السوق السعودية خصوصًا بعدما أثبتت السعودية قدرتها في إدارة دفة مجموعة العشرين في 2020. ** ** - أستاذ بجامعة أم القرى بمكة