ما أقسى وقع النبأ العاصف بفقدان رمز مميز من الشخصيات الوطنية الرائدة في مجالات حيوية ومتعددة، هدفها الأعلى النهوض باقتصاديات الوطن وخدمة المواطن. ولم تكن حياة فقيدنا -المغفور له بإذن الله- صاحب السمو الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود بين مملكتنا الحبيبة ولندن إلا تعبيراً للجهود المتواصلة لإنماء اقتصاديات بلادنا وربطها بالعالم الخارجي عن طريق بوابة لندن، وامتدت العلاقة إلى المجال الدبلوماسي الشخصي بعلاقاته -رحمه الله- برجال السياسة والاقتصاد الإنجليز، وأخذ على عاتقه وبالجهد الشخصي هندسة هذه العلاقة الفريدة، داعماً لكل جهد دبلوماسي رسمي لوزارة الخارجية السعودية، وهو الذي بدأ حياته الرسمية بالعمل لفترة في وزارة الخارجية في جدة، وتشبع بأسس السياسة الخارجية السعودية، وبعدها أدرك سموه -رحمه الله- بنظرته المستقبلية الاستباقية أن عربة السياسة يجرها حصان الاقتصاد، وساهم بجد وإخلاص المواطن الغيور على بلاده وازدهارها اقتصادياً بإنشاء العديد من المؤسسات والشركات المتخصصة في نظافة المدن وتعميرها تمشياً مع الطفرة الاقتصادية في السبعينيات والتي غيّرت وجه المملكة العربية السعودية في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية، وساهم بتشكيل بنك السعودي الهولندي لتمويل المشاريع الإنمائية، والتي غيّرت البنية التحتية للوضع الاجتماعي والاقتصادي وحركة التجارة الخارجية بشكل سريع وإيجابي، ومن ثمّ توحّدت كل المؤسسات والشركات التي أسسها بشكل شركة قابضة أطلق عليها شركة الموارد القابضة، والتي تعتبر من أعمدة الحركة الاقتصادية في مجال الصناعة والاتصالات والتأمين في بلادنا الغالية، واتجه -رحمه الله- بنظرته المستقبلية إلى الإعلام الإخباري لعلمه بتأثيره المباشر على المجتمع وتوجيهه الوطني فأسس مؤسسة أوربيت الإعلامية، والتي تعتبر من أكبر شبكات الإعلام العربي النزيه يديرها مجموعة من خيرة الكفاءات الإعلامية الوطنية، والتي تعتبر لسان الإعلام العربي الصادق.. نعم فالنبأ القاسي جاء بالغياب الأبدي لعزيز يصعب على النفس الإنسانية تحمل تأثير هذا الخبر الذي ارتجف القلب لتأثير وقعه العميق على كل إنسان عرف الفقيد وعائلته الخاصة عن قرب الصديق المحب، مواطناً كان أو وافداً كريماً بيننا.. فكيف للعين ألا تدمع والقلب ألا يعتصر على رحيل الأمير الفارس خالد بن عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، أسكنه الله جناته وجزاه الله خيراً ومغفرة عن كل ما قدَّم من المكاسب العظيمة الخالدة لبلادنا العزيزة، والتي يتمتع بها شعبنا الوفي شعب المملكة العربية السعودية، فقد شكلت العلاقةلتي تربط المجتمع السعودي بقادته وأولي الأمر فيه، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين محمد بن سلمان -أطال الله في عمرهما ومتعهما بالصحة والعافية-، هذه العلاقة الاجتماعية تمثل شكل العائلة الواحدة، ولا يستطيع أي إنسان مهما كان قد تعمق بوصف الرابط الاجتماعي والإنساني لهذه العلاقة المميزة بين أفراد المجتمع السعودي والأسرة المالكة، فعميد هذه العائلة السعودية الواحدة مليكنا المفدى -سلمه الله- والد كل مواطن ومقيم في بلادنا الغالية، فشخصية فقيدنا العزيز تتجه وتوصف بالمهنية العالية في ترسية قواعد الاقتصاد والإعمار والاتصالات العالية المستوى بين المملكة العربية السعودية والمجتمع الدبلوماسي والاقتصادي في المملكة المتحدة، والكل يعلم مدى الصداقة والتقدير لشخص الفقيد -رحمه الله- لدى العائلة المالكة البريطانية، وعلى رأسهم الملكة إليزابيث الثانية. وقد بذل وقته الثمين في تطوير اقتصاديات بلادنا بأساليبه وآلياته الناجحة، فاعتمد دعم الجمعيات الخيرية المتخصصة في بلادنا الغالية، واهتمَّ أيضاً بمساعدة العديد من الطلبة والمتدربين في المؤسسات التي يديرها بالتعليم الإلكتروني الحديث، ففي مجال العمل الاقتصادي والإعلامي للفقيد عمقٌ وبصمةٌ مميزة لا يمكن تحديد محيطها ونطاقها في مقالة المرثية هذه. وأتجه هنا لناحية منيرة في شخصية الفقيد باهتمامه بالفروسية الموروث التاريخي لأصالة منبته العربي الكريم، والمتوارثة من الآباء والأجداد فرسان الجزيرة العربية وعائلته التي اشتهرت بأنها تمثل مجمع وملتقى شيم العرب، ومع عمق العزاء وأحره نشارك فيه مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أطال الله في عمره-، وساعده القوي الأمين ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود -أيده الله-، وحرمه صاحبة السمو الملكي الأميرة الجوهرة بنت عبدالعزيز آل سعود، وأبناءه الأمراء فهد وسلمان وسعود وأحمد، وأشقاءه الأمراء وشقيقاته الأميرات الكريمات صاحبة السمو الأميرة العنود بنت عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، وصاحبة السمو الأميرة لطيفة بنت عبدالله بن عبدالرحمن آل سعود، وأخواته وبناته الأميرات الكريمات والأسرة السعودية الملكية الكريمة، وعائلته الواسعة ومحبيه من أبناء الشعب العربي السعودي الوفي. رحمك الله يا رمز الفروسية والاقتصاد والإعمار والدبلوماسية الشخصية والإنسانية، وأسكنك بإذنه تعالى جنات النعيم.