«أقدم لكم ذا لاين، مدينة مليونية بطول 170 كم تحافظ على 95 % من الطبيعة في أراضي نيوم، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية»، هكذا فاجأ الأمير محمد بن سلمان العالم الأسبوع الماضي بواحد من أكثر المشاريع تفرداً على مستوى الإدارة العمرانية، سلسلة من المجتمعات الإدراكية المترابطة على سواحل «نيوم» مروراً بجبالها وصحراءها بهدف استعادة الطابع البشري إلى الحياة العمرانية، وتمكين العيش بتجانس مع الطبيعة. لا يمكن لأي متخصص في التخطيط والتصميم العمراني وإدارة المدن أن يسمح لمثل إعلان هذا المشروع أن يمر دون أن يُحدث بداخله «ثورة ذاتية» تجاه كل الأفكار والمبادئ والرؤى التي يعمل بها أو يعتنقها أو يؤمن بها مهما كانت قيمتها وأهميتها أو نتائج تجربتها، شخصياً لقد فاجأتني فكرة المشروع المذهلة جداً والتي قدمت «ذا لاين» كأول تطوير حضري واسع النطاق وبشكل شرياني يُصمَّم منذ بداية العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي بالتحرر من قيود البنى التحتية التقليدية، وكونه ابتكار لتنشيط المجتمعات بجعلها إدراكية ومتعددة الاستخدام، وتبنيه تحد كبير على مستوى شبكة النقل بتأصيل مفهوم المشي ليكون محور الحياة العملية في منظومة النسيج العمراني. ذا لاين، تحول كبير في ثقافة مدن المستقبل، وتوجه عالمي لتقديم نموذجاً لصناعة المكان من أجل الإنسان والطبيعة، وفرصة كبيرة لكل المدن -أينما كانت- لتراقب هذا الحدث الحضري الفريد، كيف جاءت فكرته، والأساليب التي تم تخطيطه بها، وتقنيات بناءه، ونموذج تشغيله وإدارته، ونمط العيش فيه، هذا السيناريو لا يتكرر كثيراً، ولا يحدث إلا في وطن آمن بأن تكون أرضه مثالاً لكيف سيكون المستقبل. أكثر ما لفت انتباهي في هذا المشروع أن الرجل الذي قدمه هو «ولي العهد» شخصياً وليس أي شخص آخر، نحن كأبناء وطن نعي تماماً ماذا يعني ذلك، وماهي دلالاته، وأبعاده التي هي جزء من اعتزازنا وفخرنا بالأمير محمد بن سلمان، هكذا هي القيادة التي يمكنها أن تصنع حدثاً يليق بها، وبطموحاتها، وبتطلعات شعوبها. هنا «ذا لاين»، جيل جديد من العمران.