تنشط وزارة الثقافة في تبني مفاهيم ثقافية حديثة تتجاوز مجرد نادٍ أدبي وقصيدة ورواية، إلى دعم الفنون التي أهملت كثيراً في الماضي كالموسيقى والسينما والطبخ والآثار والمسرح وغيرها. وتشمل مهامها إصدار التشريعات والأنظمة وإقامة الفعاليات، إضافة للتعليم والتدريب المحلي والخارجي، سواء كان مباشراً أو عن طريق التصريح والدعم. في الجانب التعليمي والتدريبي، يبدو أننا بحاجة إلى تبني غرس تعليم الهوايات الثقافية، كالموسيقى والمسرح وصناعة الأفلام والخياطة والرسم وغيرها في تعليمنا العام، ليأتي لنا جيل قادم يقدر ويفهم ويجيد هذه الهوايات الثقافية ويتيح للبعض العمل فيها كصناعة ومصدر رزق وليس مجرد هواية. تعليمنا العام، كانت توجد فيه بعض المناشط الثقافية كالمسرح والرسم والأعمال الفنية، لكنه لأسباب متنوعة تراجعت ولم تعد ذات أولوية. وعليه أقترح على وزارتي الثقافة والتعليم العمل على إدخال المكونات الثقافية المشار إلى بعضها أعلاه ضمن التعليم العام وذلك وفق الأفكار التالية: أولاً: إعداد مناهج أو مراجع مبسطة في كل مجال لتشكل مرجعية تعليمية وتدريبية، سواء ربطت بمراحل دراسية أو مجرد وفرت وفق تصنيفها إلى مستويات لنشر الثقافة وإتاحة المراجع للمدرب والمتدرب على حد سواء. مكتباتنا فقيرة في هذا الشأن وأرى أسهل طريقة للبدء في ذلك هو تبني سلاسل عالمية في كل مجال وترجمتها بشكل مبسط للغة العربية. هي مسؤولية وزارة الثقافة القيام بالترجمة، الترجمة ليست فقط للرواية والقصة، بل حتى لمناهج ومكونات الثقافة المتنوعة. الرسم والموسيقى والمسرح والخياطة والنحت وغيرها من الفنون مثل العلوم، ذات مكونات عالمية ولا يشترط أن تؤلف محلياً ووزارة التعليم حينما طورت مناهج الرياضيات والعلوم في سنوات مضت اعتمدت الترجمة للمراجع الأجنبية كمدخل في هذا الشأن. مع التذكير بأهمية المصادر الرقمية في زمننا الراهن. ثانياً: تحديد ما هو إجباري وما هو اختياري في مناهج التعليم العام وكيف يتم تقدير ذلك في المنهج أو الشهادة الدراسية. حالياً توجد التربية الفنية والرياضية، فهل الموسيقى ستكون كذلك؟ ربما لا يتحمل المنهج، لذا تحتاج وزارة التعليم تحديد بعض هذه المواد لتكون مواد إضافية أو اختيارية يحق للمدارس، بالذات الأهلية تبنيها وتعليمها. بعض المدارس الأهلية مترددة وتنتظر تشريعات وتعليمات واضحة من قبل وزارة التعليم. ثالثاً: في سبيل إبراز المواهب الناشئة في الثقافة والفنون، نحتاج مسابقات مدرسية على مستوى المناطق والمحافظات وربما على مستوى المملكة في كل مجال. وعلى وزارة الثقافة الإسهام في هذا الجانب بالدعم المادي والتحكيم والتنظيم وغير ذلك من الجوانب مثل ما أسهمت وزارة الرياضة في فترة ما بدعم دوري المدارس. رابعاً: تأسيس أندية أو جمعيات لمختلف الهوايات في المدارس وعلى مستوى المناطق، وربما تأسيس اتحاد وطني مدرسي للهوايات الثقافية، على غرار اتحاد الجامعات الرياضي والاتحادات الرياضية الأخرى. أختم بأن اهتمامي بهذا الجانب هو الخشية من نشوء سوق سوداء للتعليم والتدريب في مجالات الثقافة، إن لم تكن بدأت فعلاً، وقد يسيء الأمر مستقبلاً لسمعة كامل القطاع. تذكروا؛ النية لا تكفي لدعم القطاع دون مبادرات منظمة حقيقية.