أشارت الدلائل إلى ان هناك ضعفاً مرتقباً في عام 2002 في أداء الاقتصاد السعودي فكان التوقع ان ينكمش الناتج الإجمالي بمعدل 2% لمجمل العام مع بلوغ العجز في الحساب الجاري 9 ،7 بلايين دولار وانتهاء العام بعجز في الموازنة العامة ولكن في منتصف العام أتت التوقعات مخالفة للواقع ولكافة التقديرات فبدا ان نمو الناتج الإجمالي سيأتي إيجابياً وجاءت تطورات ثلاثة مهمة سوف تؤدي إلى تحقيق فائض بدلا من عجز في الحساب الجاري وهذه التطورات هي أسعار الفائدة المتدنية وارتفاع أسعار النفط وزيادة انفاق السعوديين داخليا خلال عام 2002م وتأتي إحدى أهم التطورات المتعلقة بالاقتصاد الكلي خلال النصف الأول من العام 2002 مراجعة الدولة للطريقة التي يتم على أساسها احتسابه فقد أضافت البيانات المنقحة التي نشرتها مصحلة الاحصاءات في شهر يونيو مبلغ 60مليار ريال إلى حجم الاقتصاد السعودي بدءاً من العام 1996م حتى 2001 وتم بناء على البيانات الجديدة تعديل معدلات النمو في الناتج الإجمالي الفعلي للأعوام الماضية مشتملة على خفض النمو الفعلي في العام 2001 من 2 ،2% إلى 2 ،1% والواضح ان هناك نوعاً من الانتعاش في القطاع الخاص غير النفطي هذا العام تدعمه الزيادة الكبيرة في حجم السيولة وليس الطلب على شراء السلع والخدمات وقد نتج عن تضافر عدد من العوامل مايستوجب ان يشهد القطاع الخاص غير النفطي أداء جيداً هذا العام وتشتمل تلك العوامل على انخفاض معدلات الفائدة والزيادة الكبيرة في حجم القروض المصرفية إلى القطاع الخاص وثبات أسعار النفط وإحجام السعوديين عن السفر للخارج وزيادة حجم انفاقهم محليا كم جاء أداء سوق الأسهم السعودية قويا عاكساً حالة ثقة المستهلكين المتواصلة في نشاط الأعمال المحلي خصوصا قطاعي العقار والبناء والتشييد. ومن المتوقع ان ينمو القطاع الخاص غير النفطي بمعدل 2 ،4% خلال العام 2002 مرتفعاً عن معدله عام 2001 البالغ 5 ،3% ومن المرجح ان تظل الأوضاع المالية المواتية الراهنة على حالها حتى نهاية عام 2002 حيث تسير معدلات الفائدة بموازاة نظيرتها الأمريكية ولا تشير أوضاع الاقتصاد الأمريكي إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة لبقية العام. ومما يؤكد ضرورة متابعة الاصلاحات الاقتصادية التي توفرها البيئة المناسبة لاستمرار نمو القطاع الخاص المخاطر التي تشكلها حالة النمو التي يحفزها ارتفاع السيولة خلال عام 2003. وتلوح في الأفق بوادر تفيد بان الاصلاحات سوف تأتي في النصف الثاني من العام حيث من المقرر إدراج شركة الاتصالات في سوق الأسهم المحلية قبل نهاية العام وتشكل هذه الخطوة علامة بارزة في برنامج تخصيص المؤسسات الحكومية إضافة إلى عقد الشركات النفطية مع الدولة اجتماعات لدفع مبادرة الغاز إلى الأمام. ويعتبر جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من أول أولويات برامج الاصلاح الاقتصادي ومن المتوقع ان تكون مساهمة القطاع العام في النمو أضيق الحدود باعتبار الخفض الكبير في المنصرفات الرأسمالية على المشاريع بسبب الشح في موارد الميزانية.وفيما مجال القطاع النفطي حافظت أسعار النفط على تماسكها خلال النصف الأول من العام عند متوسط 22 دولاراً للبرميل من سلة الخام السعودي وتم التعويض في النقص على الطلب من خلال علاوة المخاطر السياسية التي تعتبر جزءاً لازما من التركيبة السعرية للنفط. وقد أتاح تماسك الأسعار لأعضاء منظمة الأوبك من ضمنهم المملكة من تخطى حصص الانتاج المقررة بالتدريج دون التسبب في انهيارها ورغم أن حصة المملكة المقررة هي 7 ملايين برميل في اليوم إلا ان حجم انتاجها بلغ 4 ،7 ملايين برميل في اليوم وقد اتفقت المنظمة في أواخر بونيو على الإبقاء على حصص الانتاج عند مستواها الحالي ولكن تظل احتمالات الخلاف حول تعدي حصص الانتاج قائمة في أواخر العام. الميزانية وتراجع العجز من المرجح ان تتعدى المنصرفات التي جاءت أقل بواقع 20% على المستوى الفعلي لعام 2001 تقديرات الميزانية بنسبة أكبر كما جرت العادة ومن المرجح ان تتخطى منصرفات الدولة تقديرات الميزانية بحوالي 37 مليار ريال ولكن الايرادات ستربو عن الأرقام المستهدفة نتيجة ارتفاع الايرادات النفطية بحوالي 63 مليار ريال مما يؤدي في المحصلة النهائية إلى خفض العجز بحوالي 19 مليار ريال وقد حددت الدولة في خطة التنمية الخمسية السابقة (200 - 2004) الأهداف المالية من أجل معالجة اختلالات الميزانية واعتمدت على زيادة ايرادات الدولة من المصادر غير النفطية وتقليص العجز في الميزانية إلى أدنى حد ممكن وتمويل العجز بواسطة اصدارات سندات التنمية والاستفادة عن الفائض في إيرادات النفط الحكومي لخفض الدين العام والالتزام الكامل بحدود الانفاق التي يتم المصادقة عليها وإلا يتم تعديها خلال العام المالي. الدين الحكومي يتراوح الدين الحكومي في حدود 630 مليار ريال ومن المرجح ان ينمو بحجم العجز في ميزانية العام بما يعادل 19 مليار ريال بحيث يرتفع إلى 649 مليار ريال. وفي هذا الجانب قلصت البنوك التجارية التي تحتفظ بما يعادل 19% من إجمالي الدين العام من مشترياتها من سندات التنمية الحكومية بما يعادل مليار ريال إلى 120 مليار ريال مما يوحي بأن الحاجة إلى الاقتراض أو إلى تعدي مستويات الانفاق ربما تأتي دفعة واحدة خلال النصف الثاني من العام الحالي ويعتبر حجم الاحتياطي الخارجي من الاعتبارات المهمة لسلامة المركز المالي للدولة وقد لجأت الحكومة خلال السنوات التي تراجعت فيها عائدات النفط إلى زيادة دخلها غير النفطي لاغراض الميزانية بالسحب من محفظة احتياطياتها الأجنبية بالخاج وقد بلغ إجمالي الاحتياطي الخارجي لدى البنك المركزي بنهاية مايو هذا العام حسب آخر البيانات المتوفرة 42 مليار بانخفاض قدره 2 ،6 مليارات دولار مقارنة بنهاية عام 2001م. كما تحتفظ صناديق معاشات التقاعد الرئيسة باحتياطات خارجية إضافية تبلغ 35 مليار دولار بزيادة قدرها مليار دولار مقارنة بنهاية عام 2001 ويبلغ إجمالي حجم الاحتياطات الخارجية حاليا 77 مليار دولار أو مايعادل 84% من المقياس الأشمل للمعروض النقدي في 3 وما يعادل 34% من الواردات وما يعادل 4 ،2 مرة من حجم دين القطاع الخاص إلى الدولة ويظل حجم الاحتياطي الخارجي للدولة قويا بكل المقاييس ويعوض عن كل أوجه القصور في الجوانب الأخرى للأوضاع المالية الحكومية.كما يعتبر المركز القوي للاحتياطي الخارجي عنصراً مهماً في مقدرة الحكومة على الاحتفاظ بمعدل صرف الريال مقابل الدولار عند مستوى 75 ،3 منذ عام 1986م. وتشير المعطيات الأساسية الى قوة وضع الميزان التجاري السعودي خلال عام 2002 فقد انسابت الصادرات والواردات بحرية في ظل تطبيق التعرفة الجمركية الأقل. وتبلغ واردات المملكة من البضائع مايعادل حوالي الثلث إلى النصف من قيمة صادراتها أي حوالي 8 ،27 مليار دولار في عام 2000 ومن المرجح ان تأتي صادرات عام 2002 في نفس الحدود ويعرف ذلك فائضا تجاريا جيدا للمملكة عاما بعد عام ويعتبر ميزان الحساب الجاري مقياسا أوسع من الميزان التجاري حيث يضم الأول بندي الخدمات والتحويلات وبالأخذ في الحسبان قوة مركز عائدات النفط والانخفاض في حجم الخدمات المستوردة نتوقع ان تتمتع المملكة بفائض جيد في ميزان الحساب الجاري خلال عام 2002م يبلغ حوالي 5 ،10 مليار دولار وتجرى حاليا جهود كبيرة في اتجاهين تهدف إلى تعزيز تدفق الاستثمارات إلى الداخل ومن المتوقع ان تجلب المشاريع المحورية الثلاثة للغاز عدة مليارات من الدولارات على مدى سبع سنوات تبدأ من عام 2003. البطالة والسعودة أسباب اقتصادية موجبة لجدية الدولة في حل قضية البطالة وتحقيق المزيد من سعودة الوظائف فالبطالة تعني انتاجاً أقل ومستوى معيشيا أدنى ومعدلات اعتمادية وتبعية أعلى وقلقاً أكثر وتقدر نسبة البطالة بحوالي 14% حتى من قبل مجلس القوى العاملة ويذهب مجلس القوى العاملة في تحديد موضوع البطالة إلى عدم كفاية مؤهلات المواطنين السعوديين وخاصة انخفاض مستوى اللغة الانجليزية والمطلوبة عادة في القطاع الخاص وعزوف السعوديين عن العمل في القطاع الخاص ليس بسبب انخفاض الرواتب فحسب بل بسبب طول ساعات العمل الرسمي وقصر عطلة نهاية الاسبوع. وصعوبة انهاء خدمات السعوديين مقارنة بالعمال الأجانب مع قلة استعداد العمالة السعودية للانتقال مقارنة بالعمالة الأجنبية. يذكر انه في عام 1999م بلغ عدد الوظائف في القطاع الخاص غير البترولي 2 ،6% شملت قطاع الانشاءات 2 ،14% وقطاع التصنيع 2 ،8% والخدمات التجارية 4 ،14% والخدمات الاجتماعية 9 ،30% والزيت والغاز ما نسبته 4 ،1% من إجمالي الوظائف.