أوقن أنك عندما ستكتب الجزء الثاني من «حياة في الإدارة» عن مرحلتك الجديدة، ستختلف التجربة عن أختها، فلقد استدار الزمان فلم تعد الإمكانيات المادية كما كانت «اطلب تُجب»، فقد أنتجت حرب الكويت وما بعدها مشكلات ومشكلات من أهمها اختلاف الوضع الاقتصادي. تجربة المياه الجديدة ليست كتجربة الكهرباء ولا الصحة عندما توليت إدارتها وكانت الخزينة مملوءة وبلادنا لا تحيط بها المشكلات التي لم تنتج من داخلها وإنما جاءتها في ضوء القرية العالمية الجديدة، فستجد نفسك كصاحبك أبي الطيب في شِعْب بَوَّان، في زمان ومكان غير الزمان والمكان السابقين، ولو كان شعب بَوَّان من مفاتن الدنيا جمالاً. المياه مشكلة في البلاد ذات الأمطار والأنهار فكيف في بلاد لا تكاد تحتجب شمسها بالسحاب إلا أياماً معدودة قد تمطر وقد لا تمطر، ثم إن مدنها زحفت على الصحراء والجبال دون تخطيط منسق بين جهات الخدمات حتى إذا ما زفتت البلديات الشوارع جاءت كل إدارة تحفر وتدفن لتوصل الخدمة إن وجد البند المالي. أيها الغازي، يتطلع المواطن ألا يكون حصاد الغزو رسوماً تفرض على المواطن أو أجوراً ترتفع لترهق كاهله كما فعلت شركات الكهرباء والاتصالات والآن المواصلات، فالوضع الاقتصادي قد استدار فكثرت المصروفات على المواطن، ولم يعد ابنه الذي تخرَّج من الجامعة أو الثانوية يجد فرصة عمل، ورجال الأعمال يوظفون غير السعودي أو يرصدون أموالهم هناك في بلاد البحار، حيث بدأت تغرق وتغرق بتهديد سياسة العالم الجديد. مشكلات المياه كثيرة من أهمها: 1 - حاجة المواطن لمياه شرب نظيفة وكافية تصل إلى بيته وبخاصة من أجبرته إمكانياته المادية أن يبني في أطراف المدن. 2 - حاجة القرى إلى المياه شرباً وصرفاً. 3 - الحفاظ على المخزون المائي الجوفي الذي استنفدت زراعة القمح منه 32% كما تقول الإحصاءات، ليبقى رصيداً للشدَّة والاكتفاء بالمياه المحلاَّة في الوقت الراهن. 4 - المشكلة الكبرى هي مياه الصرف الصحي ليس في عدم وجود صرف صحي في أكثر المدن فحسب، بل الاستخدام السيىء لهذه المياه في سقيا المزروعات مما يتسبب في أمراض تشيب لها أهداب العيون على الرغم من صدور قرار مجلس الوزراء في هذا الموضوع، ولكن لم توجد المتابعة لتطبيقه. 5 - تلوث بعض مياه الشرب المصنعة بالجراثيم أو الإشعاعات وهي بحاجة إلى رقابة حازمة تأخذ على يد لصوص الصحة العامة. الماء أرخص موجود «سابقاً» وأغلى مفقود « في كل أوان» بحاجة إلى تعاضد الجهود بتوافره دون إرهاق للمواطن ودون إسراف في استخدامه، وأنت بحاجة إلى نصيحة صادقة، أما الإعلام - مدحاً وذماً- فقد نالك منه الكثير في بلاد العرب والإفرنج، فانظر إلى الصادقين ودع مدح المادحين من الشعراء والكتَّاب إن لم تصاحبه الحقيقة. معالي د. غازي القصيبي، أنت أهل للثقة من القيادة والمواطن، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، لا أهنئك فالتهاني أصبحت جامدة كجمود تهاني الإفرنج في أعيادهم، ولكن أدعو الله أن يوفقك ويسدد خطاك، ويأخذ بيدك لكل خير لبلادنا. للتواصل ص.ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691