وعلى الرغم من ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعد مهمة كل أجهزة الدولة وولاياتها إلا ان الوسيلة الفعالة لتطبيقه وجعله واقعاً ملموساً في حياة الناس هو إنشاء جهاز مختص يقوم بأداء هذه المهمة ويرعى أمورها، ولاسيما في هذا العصر الذي يوصف بأنه عصر التخصص وتقسيم العمل وتوصف الدولة بأنها دولة الأنظمة والمؤسسات، وحتى يكون هذا الجهاز نشيطاً وفعالاً في القيام بهذا العمل الجليل لابد من سن نظام يحدد اختصاصاته وصلاحياته، ولابد كذلك من تزويده بالأعضاء المؤهلين من أهل الاستقامة والصلاح، والخبراء المختصين في مجال الحسبة وغيرها من التخصصات ذات الصلة، وتوفير ما يحتاجونه من الإمكانات والأدوات المادية التجهيزات التقنية والإدارية الحديثة بما يواكب ما طرأ على الحياة المعاصرة من مظاهر التطور والتغير. ففي هذه الآية ارشاد من الله عز وجل للمؤمنين ان يكون منهم جماعة تتصدى للدعوة إلى سبيله وارشاد الخلق إلى دينه، ويدخل في ذلك العلماء والوعاظ والمجاهدون والمتصدون لتفقد أحوال الناس والزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام، وكتفقد الموازين والمكاييل، وتفقد أهل الأسواق ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة، وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين ولهذا قال الله تعالى عنهم: {وّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ پًمٍفًلٌحٍونّ} أي الفائزون بالمطلوب الناجون من المرهوب «تفسير السعدي ص142». وكانت نتيجة ذلك شيوع الظلم والفساد والجريمة وانتشار البدع والمنكرات العقدية والأخلاقية واختفاء المعروف والشعائر الدينية إلى حد كبير، فحصل للأمة ما حصل من الوهن الاجتماعي والانحدار الأخلاقي والذل السياسي والتخلف الاقتصادي وتتالت عليها الهزائم والنكسات وتكالبت عليها الأمم وتداعت عليها كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها وفقدت دورها القيادي فأصبحت أمة تابعة بعد ان كانت متبوعة وتسلط عليها الأعداء وتحكموا في مقدراتها وقراراتها. ص.ب 61647 الرياض 11575