الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل عظيم من أصول الدين، وقاعدة من أهم القواعد الكبرى التي جاءت بها شريعة الإسلام، وأساس متين للدعوة إلى الله عز وجل، وإقامة الدين، وإصلاح المجتمع المسلم، وحمايته من الشرور والفساد والرذيلة. به تستقيم أمور الخلق وتحفظ حقوقهم وتتحقق مصالحهم في الدارين ويحصلون على السعادة والفلاح. وهو عامل جوهري من عوامل النصر للدولة المسلمة وتمكينها في الأرض. وهو صمام أمن الحياة فبه يأمن الناس على دينهم وأنفسهم وعقولهم وأعراضهم وأموالهم. وقد تضافرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة وأقوالهم للدلالة على ذلك كله وبيان مشروعية هذا المبدأ العظيم وتأكيد فضله ومكانته في الإسلام وأهميته في حياة الأمة. وقوله سبحانه: {وّلًتّكٍن مٌَنكٍمً أٍمَّةِ يّدًعٍونّ إلّى الخّيًرٌ وّيّأًمٍرٍونّ بٌالمّعًرٍوفٌ وّيّنًهّوًنّ عّنٌ المٍنكّرٌ وّأٍوًلّئٌكّ هٍمٍ المٍفًلٌحٍونّ (104)} *آل عمران* وأما أدلة السنة فكثيرة، ومنها الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». وكذلك الحديث الذي أخرجه الترمذي عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، وتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً ثم تدعونه فلا يستجاب لكم»، والمتأمل في أوضاع المسلمين اليوم يجد أنهم لما أهملوا القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ انتشرت في بلادهم مظاهر الشرك وألوان البدع والضلالات وصنوف المعاصي والفواحش والمنكرات؛ فسلط الله عز وجل عليهم الأعداء فاستعمروا بلادهم وتحكموا في ثرواتهم ورقابهم. ولا خلاص لهم من ذلك ولا نجاة إلا بالعودة إلى التمسك بالكتاب والسنة وعقيدة سلف هذه الأمة، وتطبيق شرع الله في كل شؤونهم وإزالة كل ما يخالفه من حياتهم فإن آخر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها. إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو سفينة النجاة ووسيلة صلاح المجتمع وطريق سلامته ونجاته من الشرور والمهالك يؤكد ذلك الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا. فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعاً». ص.ب: 61647 الرياض: 11575