«ما بعد العود قعود» هذه الكلمة التي تعني بمعناها الظاهر انها «تصريفه» بينما تحمل معنى جميل كجمال رائحة العود التي تنتشر بالأنحاء وتترك اثرا ولو بعد حين.. والمقصود بهذا المثل هو ختام المجلس برائحة العود الجميلة حتى تظل ذكرى هذا المجلس عالقة بالأذهان.. الكثير منا يجهل عالم واسرار العود الذي نراه دائما يحرق مع ان غيره من الاخشاب تأخذ اما شكل طاولة أو كرسي!! قد يتبادر سؤال لماذا العود بالذات؟ وكيف اكتسب هذه الرائحة التي جعلته يكتسب اسعارا قريبة من اسعار الاحجار الكريمة وربما يفوقها. قد نعلم ان العود يستخرج من الشجر ولكن ما طبيعة هذه الشجرة التي تنتج العود هذا ما ستستعرضه لكم شواطىء بالتفصيل. يستخرج العود من شجرة دائمة الخضرة زهورها ذات طعم حلو وتنمو بالغابات الممطرة الممتدة من الهند إلى اندونيسيا والأسم العلمي لهذه الشجرة «أكويليرا» والعجيب جدا ان العود لاينمو بهذه الشجر الا عندما يهاجمها حيوان طفيلي يسمى «فيالوفورا» فيستجيب الجهاز المناعي للشجرة ويقوم بانتاج صمغ طيب الرائحة، وهذه الاجزاء المريضة من الشجرة على وجه التحديد هي ما يبحث عنه الناس في غابات شرق آسيا والتي ينتج عنها العود الذي يعد انفس انواع البخور بالعالم. وتبدأ رحلة البحث عن العود في الهند عند اشهر قبيلة هناك مختصة بهذه التجارة وتسمى «البينان» والذين يعتقدون ان العود يستخدم في طب الاعشاب الصينية، لان التجار الصينيين هم الذين يشترونه وبمقايضات قليلة، باستثناء ذلك كانوا يجهلون تماما السبب الذي يدفعنا لشراء قطع الخشب تلك!؟!؟ وعندما يتم العثور على شجرة يشك انه يختبىء داخلها العود يقوم اصحاب القبيلة بضرب جذور الشجرة إلى العمق للأستطلاع، ولا تقطع الشجرة تماما إلى عند التأكد من ان الفطر قد اصابها ونتج عنه كمية معقولة من العود الجيد. واذا كانت الشجرة تحوي قدرا ضئيلا من العود فإنها تترك حتى يتم اختبارها بعد فترة من جديد. وعندما يقف الحظ مع افراد القبيلة فإنهم قد يجمعون كمية الكيلو جرام الواحد من العود من النوعية المتوسطة خلال ثلاثة إلى اربعة أيام، ومع مرور الايام تزداد فرص حصولهم على نوعيات رديئة أو العودة بلاشيء.. ومن العجيب حقا ان افراد هذه القبيلة يبيعون العود بسعر يصل إلى 400 دولار للكيلو جرام اذا كان من النوعية فائقة الجودة وبسعر 12 دولارا للأوقية.. ويباع عادة بهذا السعر للتجار الصينيين الذين يجمعون كميات وافرة منه لبيعها لكبار تجار الجملة في سنغافورا والذين بدورهم يقومون ببيعه على التجار بمختلف الدول وخاصة دول الخليج بعد مضاعفة السعر إلى عشرات الأضعاف وهنا يقفز السعر إلى ارقام خيالية يصل سعر الكيلو جرام الواحد من النوعية الفاخرة إلى عشرة الاف دولار!! وبالرغم من قدم ارتباط الجزيرة العربية بالعود الا ان الذين يعرفون العود بين الغربيين قلة ولعل ندرة العود وارتفاع اسعاره هما السبب خلف ذلك الا انه من المؤكد ان المسألة تعود لاختلاف الاذواق والفروقات الثقافية والعادات والتقاليد.. فعلى سبيل المثال باليمن لا يقتصر استخدام العود على الرجال بل يشمل النساء ايضا فعند مرور امرأة بالسوق ويشم منها رائحة العود فهذا دليل على انها من عائلة عريقة كما ان العود من علامات الثراء وطيب المنبت، وفي تونس ودول المغرب العربي يحرق العود في اسبوع المولود واربعينه، اما في ماليزياواندونيسيا يستخدم العود في تبخير الجروح وتطبيبها. ونختتم هذا الاستطلاع بذكر العلامات المميزة لاجود أنواع العود حيث يتصف النوع الجيد منه بالصلابة واللون الداكن المائل للسواد والثقل.