عندما يكون الحديث عن الأسياح فإن لغة الشعر تتجمهر تحت مظلة اللسان لتحظى بشرف الحضور ولتعبر عن المشاعر والشعور، ذلك لأن المعني «الأسياح» هذه اللفظة بمعناها ومدلولها ومقصودها وتاريخها وطبيعتها. «الأسياح المحافظة» التي ضربت أطنابها أعماق التأريخ في الجزيرة العربية، وسطر أهلها أروع الأمثال في الكفاح من أجل البقاء والبحث عن العيش في وقت كانت فيه شمس الهجير تحرق الأخضر واليابس جميلة بطبيعتها المتناغمة بين السهل والوعر دافئة بشتائها مبتسمة بصيفها تبدو كسلسلة من الدوح الوارف الظل، تتوسد النفود وتحتضن الصفراء.. تملأ القلب حباً، والنفس صفاء وبهاء وزهاء. إنها قصة كفاح وعطاء ومجد تحكيها معالمها الأثرية، وتجسدها نخيلها الباسقة، وتبرزها عيونها السائحة. يمضي الزمن وتبقى «الأسياح» أنشودة ترددها بلابل الدوح في حين تظل القلوب مشغوفة بها. الأسياح يقول العبودي في معجم بلدان القصيم ان الأسياح بفتح الهمزة ثم سين ساكنة، فياء مفتوحة، فألف ثم حاء أخيرة، على صيغة جمع سيح بفتح السين وإسكان الياء ثم حاء. والأمر كذلك فهي سميت بذلك لأن فيها آباراً كانت مياهها تسيح على وجه الأرض إذا كثر السيل. والسيح في الفصحى والعامية هو الماء الذي يسيح على وجه الأرض من العيون وغيرها. والأسياح هذه ناحية هامة من نواحي القصيم، كانت في القرون الأولى التي تلت الإسلام أسير نواحيه ذكرا، وأكثرها شهرة، وأوفرها عمرانا، وزاد في شهرتها ورفع من ذكرها انها كانت محطة هامة من محطات طريق الحاج البصري إلى مكةالمكرمة، والمدينةالمنورة، ومنها يفترق الطريق إلى المدينتين الكريمتين، وكانت تسمى في القديم «النباج». وصفها وموقعها هي على هيئة جو عظيم مستطيل من الشمال إلى الجنوب على امتداد حوالي خمسة وخمسين كيلا شرقية حبال الرمل (بالحاء) التي تسمى الآن عروق الأسياح، وكانت تسمى قديما رمل الشقيق أو شقيق النباج، وسماها بعضهم الشقائق. وغربية صفراء أي: مرتفعات صخرية تمتد من محاذاة «الصريف» جنوبا حتى «مدرج» شمالا بطول خمسة وستين كيلا تقريبا، وكانت تسمى قديما «حلة النباج». وكل سيولها تنحدر إلى الأسياح. لذلك كانت روضة «العين» أي عين بن فهيد و «روضة حمام» في التنومة يظل الماء فيهما إذا امتلأتا سنة كاملة. وعاصمة الأسياح هي مدينة «عين بن فهيد» نسبة إلى محمد بن فهيد، وتقع الأسياح إلى الشمال الشرقي من مدينة بريدة، على بعد حوالي 63 كيلا، ويصلها بها طريق مسفلت. وأول المحلات المعروفة في جو الأسياح من الشمال إلى الجنوب «بلعوم» ثم «اللغفية» ثم «ضيدة» ثم «عشيران» ثم «أبا الورود» ثم «السيق» ثم «حنيظل» ثم «خصيبة» ثم «البرود» ثم «التنومة» ثم «طريف» ثم «الشنانة» ثم «الحكار ومطارق» ثم «قصر العبدالله»، ثم «برقاء» ثم «العين» عاصمة المحافظة ثم «السيح» ثم «الجعلة» ثم «البندرية». والأسياح تشتمل على عيون جارية، وقرى زراعية للحاضرة، وهجر للبادية، وموارد مياه يردها الأعراب، ورياض تزرع فيها جميع أنواع الحبوب، وأودية يغرس فيها النخيل فيعيش من دون سقي في أغلب الأحيان. تسميتها سميت الأسياح لوجود آبار ثم عيون فيها تسيح مياهها على وجه الأرض دون رافع أو دافع. السكان يبلغ متوسط عدد سكان محافظة الأسياح قرابة (128 ،39) نسمة حسب إحصاء وزارة المالية والاقتصاد الوطني الأخير. التعليم تغطي خدمات وزارة المعارف، ورئاسة تعليم البنات كامل مدينة عين بن فهيد والقرى التابعة لمحافظة الأسياح حيث بها مدارس ابتدائي، ومتوسط، وثانوي، وروضة أطفال، وكذلك معاهد للمعلمات، ومركز للاشراف التربوي ومندوبية للبنات. النواحي الاقتصادية النشاط الاقتصادي السائد في محافظة الأسياح يعتمد على الزراعة.. فالأسياح تعتبر من أشهر المناطق الزراعية في القصيم.. حيث تنتشر أشجار النخيل في جميع حاضرة الأسياح، وبعد النهضة الزراعية في المملكة غطت المنطقة الزراعية أكثر من ثلثي مساحة المحافظة زرعت بالقمح والشعير وكافة المحاصيل الأخرى. مشروع الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية وهو أحد المعالم الكبيرة الموجودة بالأسياح، ومن أكبر المشاريع الزراعية العملاقة، والموجودة في المنطقة، ويعتبر هذا الموقع من أكبر المناطق السياحية والاقتصادية الموجودة في القصيم، وتبلغ المساحة المزروعة منه بالأعلاف أكثر من أربعة آلاف هكتار، وجميع هذه المناطق مفتوحة للمتنزهين والزائرين.. حيث أصبح هذا المشروع من أهم المناطق السياحية في جميع فصول السنة. ويوجد في الجهة الشرقية من المحافظة مشروع الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية، وتبلغ مساحة هذا المشروع أكثر من مائة كيلومتر مربع تم زراعتها بالأعلاف التي غطت غالبية احتياجات المنطقة، ووصل إنتاجها جميع الدول الخليجية.. ويتفرع عن هذا المشروع مشروع حيوي آخر هو مزارع «فروج الأسياح» لانتاج الدواجن اللاحمة والبيض ذي الشهرة المحلية والذي يوزع إنتاجه في كافة مناطق المملكة. ويحتوي مشروع الشركة العربية مزارع لإنتاج الأسماك بدأ بتوزيع إنتاجه.. كما انتهت الدراسة المعدة لعمل مصنع للألبان، ومزرعتين للأبقار.. ويشمل النشاط الاقتصادي أيضاً تربية الماشية خصوصاً الأغنام حيث تضم محافظة الأسياح أكثر من ثلث المواشي الموجودة بالقصيم، وسبب ذلك وفرة المراعي خصوصاً في نفود الأسياح الواسع المساحة، وشمال مدينة قبة حتى حدود منطقة حائل. التنمية العمرانية يغلب على حركة العمران بالمحافظة الطابع الشريطي على محور الحركة الرئيسي حيث تتجمع قرى المحافظة على هذا المحور بداية من البندرية جنوباً ماراً بمركز المحافظة وانتهاء بقرية المدرج شمالاً. وقد راعت بلدية المحافظة ذلك فقامت بالتنسيق مع وكالة الوزارة لتخطيط المدن وتم إعداد مخطط هيكلي شامل لوضع المحافظة مستقبلاً وخطة التوسع العمراني، وتحديد الاستعمالات لجميع الأراضي، وشبكة الطرق الموجودة داخل هذا المخطط. وقد تميز هذا المخطط، بوجود مراحل عمرانية، لتحديد النطاق العمراني وفق مايلي: المرحلة الأولى من عام 1409 إلى 1415ه المرحلة الثانية والثالثة من عام 1415 إلى 1425ه المرحلة الرابعة من عام 1425 إلى 1450ه. المناطق الأثرية والمميزة تضم الأسياح مناطق أثرية قديمة يرتادها زوار هذه المحافظة للوقوف على حضارة الأجداد بالإضافة لمواقع سياحية جميلة تعتبر متنزهاً لأهالي منطقة القصيم، وأهم تلك المناطق: 1- قصر مارد: من المواقع الأثرية المميزة التي يرجع تاريخها لزمن الدولة العثمانية.. وقد أقامه سلطان مارد بتاريخ 600ه حيث بقي في الأسياح، وانعزل عن الدولة العثمانية، وتجمعت عند سلطان مارد مجموعة من القبائل أشهرها قبيلة الضياغم حيث سكنوا بجوار قصره، وساعدوه بزراعة النخيل، والقمح، وما يحتاجونه، ويتميز قصر مارد بالأسياح بطريقة بنائه الجيدة والفريدة من نوعها، والتي تعتبر فناً معمارياً متميزاً في ذلك الوقت، وهو يشابه أو يطابق قصر مارد الموجود بالجوف شمال المملكة. 2- سد مارد: ويقع شمال فيضة العين الكبيرة التي تتجمع بها غالبية مياه الأودية القادمة من الشمال، ونظراً لخطورة السيول، وحماية لقصر مارد أقام سلطان مارد سداً لحجب مياه السيول وحماية قصره ومكان تجمع حاميته، وكذلك لحجز المياه، والاستفادة منها في الزراعة.. وموقع هذا السد هو نفس موقع سد مارد الذي أقامته وزارة الزراعة والمياه بالمحافظة ولا تزال أطلال السد القديم موجودة حتى الآن. 3- مصلى ومخيم الملك عبدالعزيز: ويقع هذا المكان في الجهة الجنوبيةالشرقية لفيضة العين، وجنوباً عن قصر مارد، وقد نزل به الملك عبدالعزيز في إحدى زياراته للمنطقة.. حيث أقام ورجاله لعدة أيام بهذا الموقع الذي لم يتبق منه سوى أطلال، وحدود المصلى الخاص بالملك عبدالعزيز رحمه الله ورجاله. 4- عين زبيدة (بركة زبيدة): تقع هذه البركة في بلدة (البرقاء) شرق عاصمة المحافظة، وهذه البركة المخصصة لتجميع المياه تقع على طريق قوافل الحج القادمة من العراق أحد الطرق التي تسمى بطريق زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد. 5- آبار البيصية: وهي مجموعة من الآبار القديمة في وسط نفود الأسياح، وتبعد عن مدينة العين حوالي (35كم)، وكذلك بئر النقع المشهورة بوفرة مياهها، وتقع في خبة النقع وسط النفود، وهذه المواقع في نفود الأسياح ذي المساحة الشاسعة، والذي يعتبر من المناطق السياحية الشتوية المميزة.. حيث يقصده السياح من جميع مناطق المملكة. 6- التنومة القديمة: وتقع جنوباً من التنومة الجديدة، وعلى الجانب الشرقي لوادي الجوارم، وهي بلدة تاريخية قديمة جداً جرت بها مذبحة مشهورة على يدي أحد الظالمين، واسمه /ثويني/ حيث اقتحمها بعد حصار دام طويلاً نظراً لمناعة حصونها. 7- حصاة النصلة بالروضة: وتقع شرق مدينة عين بن فهيد على خط طول 914، 45، 26 وخط عرض 221، 15، 044 وهي عبارة عن تل رفيع فيما يبدو. وقد توالت عليها السنون وعوامل التعرية مما جعلها تتصدع، ويهمنا في هذا المجال ان هذا التل الذي يبلغ ارتفاعه حوالي أربعة أمتار في هذه الحجارة (النصلة) كما يقال لها عند أهل البلد - كتابات ورسوم ووسوم للقبائل والكتابات آشورية ويوجد أيضا رسوم للحيوانات (الجمل -الوعول) وغيرها. 8- رجم طريف: ويقع على خط طول 825، 45، 26 وعلى خط عرض 516، 13، 044 وهو أحد أميال زبيدة الممتدة من العراق إلى بلاد الحرمين الشريفين ويقع جنوب مدينة عين بن فهيد على بعد كيلومترين ويتجه نحو الجنوب إلى بركة زبيدة في الصريف وتمتد من بركة المجمعة والهدف من إنشائه كما هو معروف انه عبارة عن علامات دالة للحجاج القادمين من العراق إلى بلاد الحرمين الشريفين. 9- حصاة غيلان: وتقع في شمال محافظة الاسياح على بعد 10 كيلومترات من مدينة عين بن فهيد على الشرق من مدينة طريف، والقصص عن هذه الحصاة كثيرة - وأهمها أنه توجد في هذه الحصاة أشكال لافتة للنظر أهمها رسومات لحيوانات مثل الإبل الخيول والوعول وغيرها. عيون الماء في عين بن فهيد تضم عين بن فهيد العديد من العيون التي تميزت بها هذه المدينة وأهمها: عين العادية وهي عين يتدفق منها الماء لقرب المياه السطحية فيها - ويبدو ان هذه العين مر عليها حقبات تاريخية أولها: انها كانت هلالية ثم انها كانت في مرور الطريق إلى (العراق - الحجاز) ثم جدد حفرها أحد قادة الدولة العثمانية - سلطان مارد - الذي تمرد على القيادة العثمانية، وأطلال قصره الحالي شرق عين بن فهيد.. ثم أعاد حفرها/ محمد بن فهيد/ الذي حصل على إقطاع من الإمام/ محمد بن سعود -رحمه الله في عام 1203ه، وسميت هذه العين باسمه (عين بن فهيد) وتدفق ماؤها من المكان المرتفع غرب الروضة متجها إلى شرق الروضة، وأهم ما يزرع في الروضة (القمح - الشعير - الذرة - النخيل - البرسيم). ويقول الشاعر مهلهل بن هذال: «تلق محمد بأسفل السيح زرّاع قرم إلى جوه النشاما يهلي» * الطريقة التي يتم بها توصيل الماء من منبع العين إلى مكان الزراعة: 1- حفر برك بعمق من (1م-3م) خلف ينبوع العين الأصلي. 2- تتوالى حفر البرك (حساوة) بعمق تنازلي عن الأولى، وبقطر (1م-2م) حتى يسهل انحدار الماء من أعلى إلى أسفل. 3- بعد انتهاء حفر البرك (حساوة) يتم توصيلها ببعض، وفحص انحدار الماء من أعلى إلى أسفل ثم تطوى (الحساوة) بحصى كي لا تنهدم. 4- في الأرض غير القابلة للحفر يكون الماء مشاهداً عن طريق ساقي منخفض مساوياً للبرك السابقة. 5- وضع الأتربة المستخرجة من باطن الأرض بجانب الحفر لتكون دعامة ترابية لحمايتها من الأمطار تسمى (نثايل). 6- بهذه الطريقة يتم توصيل المياه من منبع العين «النجوة» حتى موقع الزراعة «روضة». وبالإضافة إلى العادية هناك مجموعة من العيون المجاورة لها، والتي تم حفرها من قبل الأهالي على نفس الطريقة، ولنفس الهدف، وأهمها: 1- عين فطيسة. 2- عين الشمالية. 3- عين العبدالله. 4- عين الرعاجي. 5- عين العلي. 6- عين الجنوبية. 7- عين بن فيصل. 8- عين بن مهنا. 9- عين خسارة. «سمحة».