غيَّب الموت بدراً منيراً كان ملء السمع والبصر.. رحل الأمير الإنسان أحمد بن سلمان.. فارس الفرسان في مضمار الخير والعطاء، فقد كان - رحمه الله - قامة شامخة يشار لها بالبنان، ومثالاً للتواضع والنبل والأدب الجم، جواداً معطاء، محباً للخير، جابراً لعثرات المساكين، متفقداً لأحوال المرضى وذوي الحاجات، قريباً إلى المحيطين به ببشاشته وحسن تعامله.. أحب الناس بصدق فبادلوه الحب والمودة، فقد كان أميراً بأخلاقه وصفاته الحميدة والتي اكتسبها وتربى عليها في مدرسة والده الأمير سلمان بن عبدالعزيز. وإذا كان الموت هو الحق الذي لا مفر منه كتبه الله على جميع خلقه {كٍلٍَ نّفًسُ ذّائٌقّةٍ المّوًتٌ} إلا أن الفجيعة كبيرة والمصاب جلل فالجراح مازالت غائرة في قلوبنا لرحيل الأمير الإنسان فهد بن سلمان والذي غاب عنا بإنسانيته وعطاءاته الخيِّرة لكن إرادته جلّ شأنه فوق كل اعتبار فقد فُجع الوطن بفقد أحد أبنائه البررة والذي كانت له بصماته الواضحة وتأثيراته القيِّمة في كثير من المجالات لعل أبرزها الرياضة والإعلام.. مات أمير القلوب.. أحمد بن سلمان.. فدمعت عليه القلوب قبل العيون، وفاضت المشاعر الصادقة حزناً على فراقه، وليس أدل على ذلك من تلك الجموع الغفيرة التي ودعته بالأمس إلى مثواه الأخير حيث لهجت له الألسنة بالدعاء والرحمة ودعت له بالمغفرة راجية من الله أن يجعل الجنة مثواه.. وتلك الأحاسيس الصادقة، ومشاعر الحزن الغامرة إنما هي انعكاس لحياة الأمير الإنسان أحمد بن سلمان الحافلة بالنشاطات الخيرية المتنوعة.. فكم مسح بيديه الحانيتين دموع اليتامى والأرامل، وزرع الأمل في قلوب المرضى والمعوزين، وشرع نوافذ النور للسائلين والمحرومين.. فليس غريباً أن يبكيه الصغير والكبير.. فالراحل غالٍ وعزيز على قلوب الجميع.. عرف بدماثة الخلق، ورضا النفس، وطلاقة الوجه.. ومثل هذا الرجل الذي يملك كل هذه الصفات الحميدة والسجايا الطيبة جدير بأن يظل حياً في قلوبنا بأعماله الخيِّرة المضيئة.. فإذا كان العزيز الراحل قد غاب عنا بجسده فإن أعماله الصالحة وذكراه الطيبة سوف تظل باقية بيننا. لقد توشح فارسنا النبيل بحب الناس، وشاطرهم آلامهم ومناسباتهم، فتربع على عرش قلوبهم، وسكن وجدانهم وحظي - رحمه الله - باحترامهم وتقديرهم. وأمام رهبة الموت لا نملك في هذا المقام إلا أن نسأل الله عز وجلّ أن يلهم أميرنا الخلوق المحبوب سلمان بن عبدالعزيز الصبر والسلوان، وأن يثبته على الإيمان والحق، وأن يعينه على تجاوز هذه المحنة بقوة المؤمنين الصابرين الراضين بقضاء الله وقدره. ونتوجه إلى الله عز وجل أن يرحم فقيدنا الغالي، وأن يجعل مثواه الجنة.. إنه نعم المولى ونعم النصير. و{إنَّا لٌلَّهٌ وّإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}