وتساءل صديقي في حيرة بالغة: أين الأمان؟ في إشارة إلى أن الإنسان ليس معه أمان وأن الحيوان ألطف جانباً منه، وإن كان الشر متوقعاً من الجميع إلا أن الأخير واضح المعالم حسب رأيه. ووقتها تساءلت أنا... هل هذا الحكم يدور مع النوع أم مع العلة..؟ إن قلنا مع النوع فهو حكم مطلق لا تقييد له ولا تأطير (وحكم كهذا غير منضبط) وهو عرضة للقبول والرفض والأخذ والرد. أما بالنسبة للحيوان فالأمان منها ليس على إطلاقه بل بالعكس من ذلك فقد يحدث من بعضه مكر وخديعة واعتداء ابتدائي غير ثأري ولا مسبوق بدلائل أو قرائن تشير إلى احتمالية قيامه بعمل مضاد.. إذاً الإنسان إنسان والحيوان على اسمه حيوان. *، فالتكريم والتفضيل من لدن العزيز الحكيم لا يوازيه تكريم ولا يجاريه تشريف وبنو آدم لهم شرف الإنسانية ثم تأتي الخصوصية في المنزلة عند الله عز وجل بقوله في محكم كتابه: {إنَّ أّكًرّمّكٍمً عٌندّ پلَّهٌ أّتًقّاكٍمً} الحجرات:( 13) ، فالتقوى هي الفيصل وهي المحك وهي الميزان الحق والقياس الحقيقي لشرف المنزلة عند رب المخلوقات جميعاً وإذا ما حاد الإنسان عن طريق الهدى والصلاح والاستقامة أنزل نفسه منزلة وضيعة ودنيئة وألبسها لباساً خَلِقاً مخروماً لا ستر معه ولا هدى قال تعالى: {إنً هٍمً إلاَّ كّالأّنًعّامٌ بّلً هٍمً أّضّلٍَ} الفرقان: (44) ، والشيطان في هذا له الدور الأكبر ثم الهوى والنفس قال تعالى {إنَّ پشَّيًطّانّ لّكٍمً عّدٍوَِ فّاتَّخٌذٍوهٍ عّدٍوَْا} فاطر:( 6) ، وقال تعالى {إنَّ پنَّفًسّ لأّمَّارّةِ بٌالسٍَوءٌ} يوسف: (53) ، فالأساس في الإنسان الطهر والسلامة وما يحدث من تغير وانقلاب في المفاهيم إنما هو ناتج عن شيء طارئ وتخلخل في القوى والموازين الخيرية وتفسخ وانحلال ونزع للباس التقوى الذي هو خير، وارتداء للباس الردى والهوى والهوان وإلا فالمولود أي مولود هو على الفطرة والتهويد والتنصير والتمجيس من أبويه كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم. سبحان الله والله أكبر... ما أجمل هذا الصفاء وأطيب ذاك التسامح وما أعظم الرب سبحانه وتعالى الذي ملك القلوب والعقول وقلبها كيف شاء ويقلبها كيف يشاء بحكمته وعزته ورحمته فسبحانه من إله عظيم عليم عزيز حكيم.